أن يصل التفكير بأصحاب الشأن لأن يصدروا قراراً يحرم المواطن من الخبز لثلاثة أيام متتالية بذريعة توفير ثمن الأكياس، ففي هذا تجاوز معيب وغير مقبول إطلاقاً بحق المواطن (كإنسان) مهما كانت الأسباب، وبغض النظر عن الظروف التي استدعت ذلك.
ففي الجدول الجديد الذي قيل إنه جاء كتعديل على آلية التوزيع المتبعة حالياً، والذي سيسري مفعوله اعتباراً من السبت القادم، نجد أن شرائح الشخص والشخصين وثلاثة الأشخاص من حملة البطاقات (الذكية) سيجدون أنفسهم بلا خبز ليومين وثلاثة أيام أحياناً بموجب هذا الابتكار الجديد الذي اعتمدته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
مع العلم أنه وإلى وقت قريب بقي المواطن يتحمل تبعات قرارات (وزارة حماية المستهلك) المتعلقة بالرغيف، إلى أن جاء هذا القرار الأخير، والذي ثبت القناعة لدى المواطن بأن أصحاب الشأن ومعدي ومقترحي مثل هذه القرارات لا يقيمون وزناً لاحترام المواطن وكرامته التي هدرت على وقع مثل هذه القرارات.
ألا يعلم مبتكرو هذه القرارات أن المواطن وعلى مدى عقود كان وبمجرد مروره بجانب أي فرن يجد نفسه مندفعاً بشكل تلقائي لشراء رغيف ليأكله على الماشي باعتباره ساخناً، وتنبعث منه رائحة شهية، فكيف بهم اليوم يحرمون المواطن الخبز لأيام متتالية سواء بذريعة توفير ثمن أكياس الخبز أم لذرائع أخرى لا نعلمها؟
لعله أصعب إحساس يمر على المواطن السوري يفوق بثقله كل ما عاناه خلال سنوات الحرب العدوانية على سورية، أن يجد نفسه، وهو يقف على باب الفرن، غير قادر على تأمين خبزه اليومي لمجرد أن بطاقته (الذكية) لا تفتح إلا في أيام محددة، فأي ذهن هذا الذي تفتق عن مثل هذه الفكرة اللامعقولة، والتي حيدت رغيف الخبز عن موائد الكثيرين، ألا يعلم مبدعو مثل هذه الأفكار أن المواطن ممكن أن يستغني عن الكيس لكنه غير قادر، في ظل الظروف الحالية عن الاستغناء عن رغيف الخبز؟
ألم يكن بإمكان من أعد مثل هذا القرار أن يعكس الآية بحيث يقول إن من يستحق ربطة واحدة باليوم لا يحصل على كيس نايلون، أليس هذا الحل أفضل، وبالتالي لا يضطر المواطن لأن ينتظر ثلاثة أيام لكي يحصل على خبز يومه؟
المواطن لم يعد يثق كثيراً بمبررات بعض ما يصدر من قرارات، وخاصة فيما يتعلق برغيف الخبز، لكونها لم تعد تقيم احتراماً له ولا لكرامته، فكيف له أن يصدق مبررات تقليص مخصصاته من الخبز إلى الحد الأدنى بذريعة تقليص الهدر ومنع السرقات، وهو يرى بأمِّ عينه أكداس الخبز تخرج من الأبواب الخلفية والأمامية ومن كوى البيع لتصل إلى الباعة ومن يلف لفهم، بينما هو محروم من الحصول على رغيف خبز وإذا أحب ذلك فعليه أن يدفع ألف ليرة ثمن الربطة التي تباع على رصيف الفرن.
على الملأ- بقلم أمين التحرير محمود ديبو