الملحق الثقافي:ديب علي حسن:
أن تكون إنساناً يعني أنك في المرتبة العليا من الحضارة والقيم والمبادىء لا تباع ولا تشرى، ويعني أنك قد استطعت أن تروض الوحش القابع في الأعماق، وكلّ واحد منا فيه وله وعنده وحش في داخله، قد يتركه يتشرس ليكون ضارياً، ولا يبقى منه أي حامله، إلا الهيكل اللحمي الذي يوحي أنه قد يكون إنساناً.
والقفزة الكبرى هي أن نرتقي إلى مرتبة الإنسانية التي تعني الجمال والبهاء، وهذه مسألة ليست بالأمر السهل، ولا الهين، ولكنها صناعة سورية بامتياز منذ أن كانت سورية وكان السوريون صناع الحرف واللون، والآلة الموسيقية، وبناة المدن والمسارح، لقد حولوا توحش البشرية إلى لون من ألوان الإنسانية، فكان الحرف الذي فك طلاسم الجهل، ووثق نبض الحياة.
وكانت النوتة الموسيقية التي أشعلت الفرح والسرور في القلوب، وكان كل لون من ألوان الإبداع، لذا ليس غريباً أن يردد الباحثون أن سورية متحف في الهواء الطلق، وليس غريباً أن تجد في كل صقع قريب أو بعيد نقشاً سورياً، إنجازاً سورياً، فعلاً سورياً، في الفن والبناء والتعليم وغيرها.
اليوم إذ يضاف لون سوري إلى قائمة التراث الإنساني، فهذا يعني شرفاً للتراث الإنساني وللجهة التي أضافت القدود الحلبية أصالة وفناً راقياً، وإبداعاً له فلسفته التي ترتقي بنا إلى مصاف عليا في النورانية والسرور، وبهجة ما بعدها بهجة في عصر عصفت به نوائب الظلمة والإرهاب، وجاء من يزرع الحقد والكراهية، ويريد الموت لقلب العالم الجميل، سورية التي تعني الحياة للعالم كله.
من حلب درة سورية، وجدار الصد، القدود الحلبية نغمة جمال في زمن القبح، ستبقى بهية عالية، ستبقى قرب رايات سيف الدولة الحمداني، وقرب أبطال حامية مشفى الكندي، القدود الحلبية تراث سوري إنساني عطره دم الشهداء الذين هووا فارتقوا، سلام لكم ومنكم وعليكم.
التاريخ: الثلاثاء21-12-2021
رقم العدد :1077