الملحق الثقافي:
بمناسبة قرار اليونسكو إدراج القدود الحلبية على قائمة التراث الإنساني، كتب الأستاذ محمد قجة:
وأخيراً ، وبعد أخذ وردّ ، تقرر منظمة اليونسكو إدراج القدود الحلبية في مجال الثراث الفني الإنساني، ضمن التراث الثقافي غير المادي.
لماذا حلب ؟ ولماذا القدود ؟
1 – يمتد عمر مدينة حلب منذ 12,000 قبل الميلاد، وعرفت ازدهارها وامتداد سلطتها زمن مملكة «يمحاض» في حدود 2000ق.م، وملكها «ياريمليم» وابنته الأميرة الجميلة المثقفة «شيبتو» التي زفت زوجة لملك مملكة «ماري» على الفرات «زيمريليم» في موكب ملكي فاخر، وبعد حفل غنائي وموسيقي في القصر الملكي.
2 – في العصر العربي شهدت حلب أيام سيف الدولة قدوم «الفارابي» الفيلسوف والموسيقي، وفي حلب كتب «كتاب الموسيقى الكبير» وكتاب «الإيقاعات».
وإلى حلب جاء أبو الفرج الأصفهاني ليقدم كتابه «الأغاني» إلى سيف الدولة.
3 – واستقطبت حلب في العصرين الأيوبي والمملوكي كثيرين من الأندلسيين بعد سقوط مدنهم بيد الإسبان، وحملوا معهم مئات الموشحات التي طور الحانها الحلبيون، وأبرزهم الشاعر الأندلسي ابن جابر.
وكان لا بد لهذا التمازج أن يتطور إلى ظهور الموشح الحلبي، ثم القدود الحلبية، والمواويل، والفصول، وأشهرها «فصل اسق العطاش» ، والأناشيد الدينية في الزوايا الصوفية المنتشرة في حلب، وأبرزها الزاوية الهلالية في حي الجلّوم، التي تخرج منها كبار المطربين والمنشدين خلال 400 سنة.
4 – من أبرز الذين انطلقوا من هذه الزاوية: أبو الوفا الرفاعي، مصطفى البشنك، محمد الوراق، علي الدرويش، عمر البطش، بكري كردي، نجيب خياطة، حسن الحفار، بهجت حسان، محمد خيري، صباح فخري … وكثيرون سواهم.
5 – في عام 2006 خلال احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية نظمنا ندوة لمدة ثلاثة أيام عن التراث الثقافي غير المادي في حلب، وذلك في ثلاثين بحثاً، منها سبعة بحوث متنوعة في الشان الموسيقي، قدمها كل من: محمد قجة، محمد قدري دلال، مسعود خياطة، عبد الكريم رجب، أحمد بوبس، كارين صادر، محمود المصري.
كما ركزت بقية الأبحاث على المطبخ الحلبي، والأزياء التقليدية، والأمثال ….
6 – من الذين كتبوا بحوثاً وكتباً موسيقية في حلب: محمد قدري دلال، فؤاد رجائي آغا القلعة، وابنه الدكتور سعد الله، وجميل ولاية، وعبد الرحمن جبقجي ..وبعضها يركز بدقة وتفصيل على القدود الحلبية الدينية والعاطفية، والموشحات، ورقص السماح، والنوبة الأندلسية، والمواويل، وسائر اشكال الغناء والمقامات.
7 – إن قرار اليونسكو هذا يشكل مكسباً شرفياً لمدينة حلب وللتراث الفني السوري والعربي.
ولعلنا نلحق به المطبخ الحلبي الذي يقول عنه أبو العلاء المعري في كتابه «رسالة الغفران» إنه مطبخ أهل الجنة.
التاريخ: الثلاثاء21-12-2021
رقم العدد :1077