الثورة – ريم صالح:
سنوات الحرب على سورية كلها، وما تم خلالها من تآمر مفضوح، واستهداف إرهابي مكشوف الأركان، والأدوار، والغايات، كلها لم تستطع النيل من الدولة السورية، أو أن تمس بثوابتها الوطنية، فصحيح أن سورية تعرضت لأقذر حرب شهدها التاريخ، ولكنها تمكنت من توجيه الصفعات المتتالية للإرهابيين ورعاتهم ممن راهنوا على إخضاع سورية، ولكنهم فشلوا.
اتخذت الدولة السورية ثلاثة خيارات لمواجهة هذه الحرب الممنهجة، فكان المسار السياسي عبر مفاوضات ” جنيف أو أستانا أو سوتشي”، مواز للخيار العسكري، عبر مكافحة الإرهابيين المأجورين، ودك أوكارهم، ودحرهم عن معظم المناطق التي احتلوها بدعم من مشغليهم، فيما كان خيار المصالحات الوطنية حقنا للدماء بمثابة مسار ثالث، وكان خياراً ناجحاً بامتياز، حيث أثمر هذا الخيار عن عودة مئات آلاف السوريين إلى بيوتهم، وممتلكاتهم، دون أن ننسى أيضاً دوره الإيجابي في عودة كل من غُرر به غربياً إلى حضن وطنه الأم.
وقد انطلق قطار المصالحات الوطنية مع إطلاق وزارة المصالحة الوطنية منتصف عام 2012 ضمن مرسوم تشريعي يحمل رقم 210 لعام 2012، وقد حققت المصالحات الوطنية نجاحات كبيرة وهي التي أدت إلى تحسن الأوضاع الأمنية للكثير من المواطنين السوريين في مناطق مختلفة.
حيث إن هذه المصالحات تم بموجبها عودة الأهالي إلى أحيائهم فضلاً عن خروج المسلحين الرافضين لبنود المصالحة خارج الأحياء أو البقاء لكن من دون سلاح مع العودة إلى الحياة الطبيعية، وذلك بعد أن قامت الدولة بالعفو عنهم وتسوية أوضاعهم لكي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، بعد أن قاموا بتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة.
وقد انطلق قطار المصالحة الوطنية في أولى محطاته من القلمون الشرقي وذلك تحديداً في 17 كانون الأول 2013، حيث دخلت مدينة الضمير في القلمون الشرقي إلى قافلة التسويات الوطنية لتليها مدينة المعضمية بريف العاصمة دمشق بعد أن وقّعت اتفاقاً تم تنفيذه على مرحلتين منقطعتين، كانت الأولى بتاريخ 25 كانون الأول 2013، أما الثانية فكانت بتاريخ 31 آب 2016.
ثم انضمت قدسيا والهامة إلى قافلة التسويات في شهر تشرين الثاني 2013 وبعد أن خرق المسلحين بنود المصالحة تم التوصل إلى اتفاق جديد في 23 أيلول 2014، ثم دخلت برزة إلى مسار التسويات في 15 كانون الثاني 2014، وهو تاريخ للمرحلة الأولى من عملية المصالحة بينما كانت المرحلة الثانية بتاريخ 8 أيار 2017.
أما حي تشرين فقد بدأت فيه المصالحة بتاريخ 15 كانون الثاني 2014، وعلى مرحلتين وكانت المرحلة الثانية بتاريخ 12 أيار 2017، فيما دخلت مدن يلدا، وببيلا، وبيت سحم، إلى مسار المصالحة في 17 شباط 2014، وانتهى الوجود الإرهابي المسلح عن هذه المدن بإجراء عملية مصالحة شاملة على ثلاث مراحل كان آخرها في العام 2018.
بينما دخل حي القابون شمال شرق العاصمة دمشق إلى خط المصالحات بداية شهر تموز 2014، ثم لحقها حي القدم في 21 آب 2014، والتل أيضاً في 26 آب 2014، ووادي بردى في أواخر تشرين الثاني 2014، بينما تم التوصل إلى ما عرف باتفاق المدن الأربعة في شهر أيلول2015، حيث دخلت مدن الزبداني، مضايا، بقين وسرغايا في ريف دمشق، إلى مسار المصالحات الوطنية.
وفي حمص القديمة تم التوصل فيها في 29 نيسان 2014 إلى تسوية من شأنها عودة السوريين إلى بيوتهم بعد خروج المسلحين من المنطقة والعفو عن من عاد إلى حضن الوطن وسلم سلاحه للجهات المعنية المختصة، بينما انضم حي الوعر في 5 كانون الأول 2015 إلى ركب المصالحات، فيما دخلتها داريا في 26 آب 2016، أما منطقة جبل الشيخ فقد تم التوصل فيها إلى المصالحة في كانون الأول 2016.
وفي ريف حمص الشمالي وتحديداً في مطلع شهر آب 2017، دخل ريف حمص الشمالي في إلى مسار المصالحة.
وقد شكّلت وزارة المصالحة الوطنية في 11 نيسان 2014 لجنة لها في أحياء مدينة حلب وفي العام 2017 ، وبرز من جديد دور لجنة المصالحة لوضع آلية من أجل إعادة أهالي المدينة إلى أحيائهم.
أما في الغوطة الشرقية فيمكننا أن نعتبر أن بدايات المصالحة فيها قد انطلقت في الفترة ما بين 7 و12 آذار 2018، حيث استطاعت لجان المصالحة في بلدات مسرابا، حمورية، كفر بطنا وسقبا الواقعة ضمن القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، حشْدَ عدد من الأهالي للخروج من أجل الاحتجاج ومطالبة التنظيمات الإرهابية المسلحة بالمغادرة.
بينما في درعا فقد بدأ دخول المحافظة على خط المصالحات منذ كانون الأول 2016، أما القنيطرة فقد أبصر فيها مسار المصالحة النور وذلك تحديداً في 20 تموز 2018، ليستمر قطار المصالحات منطلقاً دون هوادة ليحط رحاله أخيراً في محافظة دير الزور الذي لا تزال فيها عملية تسليم المطلوبين والمسلحين لأنفسهم وأسلحتهم ليعودوا من جديد إلى حياتهم الطبيعية قائمة على قدم وساق