العالم الموحش

يروى أن سيدة منزل , أوصت أبناءها قائلة: حين يعود أبوكم من العمل , كونوا لطفاء , خففوا من صخبكم , ومن شغبكم هذا , فالعالم خارج البيت موحش ومتعب , ولأبيكم الحق أن يرتاح قليلاً مما يعانيه في الخارج , وبغض النظر عما في الوصية من دلالات هي حقيقة وواقع , لكن أكثرها حضوراً أن العالم خارج البيت موحش , ومقفر ومتعب , هذا يعني ببساطة أن البيت أو الأسرة – سمِه كما تشاء – هو الركن الدافئ والأساس في الحياة , ومن داخله يجب أن ينطلق الحنان وتنتشر الإنسانية لتكون الشعار الذي نعمل جميعاً تحت رايته .

وبالوقت نفسه تعني الوصية بجانب آخر منها أن العنف ينطلق منا , من منازلنا , من تربيتنا لأبنائنا , من مدارسنا , من مؤسساتنا كلها , من كل ما هو عنصر في المجتمع , وحسب علماء الاجتماع : العنف هو السمة الأساسية التي تميز الإنسان وتاريخه , فالبشرية التي عبرت الكثير من مراحل التوحش , لايمكن لها أن تنسى ما مرت به , العمل الأكبر الذي يجب أن يقوم به العالم المتمدن , الواعي هو الخروج من دائرة وتكوين العنف , للوصول إلى مرحلة الإنسانية الحقة التي هي الغاية والمقصد .

هذا يعيدنا ببساطة إلى ما يتم تداوله والحديث عنه بشكل يومي , وساعي , العنف الموجه ضد الأطفال , والنساء , يومياً تضخ صفحات التواصل الاجتماعي عشرات الأخبار التي تروي فظائع من العنف , هذه زوجة أب تقتل أطفال زوجها , وذاك زوج لاينفك يمارس العسف والظلم كله على زوجته , بدءاً من العنف النفسي والروحي, إلى أن يصل إلى القتل وإزهاق الروح .

ونحن بمرحلة تضخيم الخبر ونسج ألف حكاية له , ليس أجنحة فقط , إنما تفريخه ليكون ملء الفضاء الأزرق , كل يضيف إليه ما يحلو له أن يكون , وكل يفسر على (ليلاه ) طبعاً لسنا مع العنف حتى بأبسط معاني المفردات , ولكن أليس من واجبنا جميعاً أن نعمل على تخفيف أسبابه , بدءاً من المفردة التي تحيي وتميت ( الكلمة الطيبة صدقة ) إلى الكثير من ممارساتنا اليومية التي تجعلنا نراكم الكثير من أسباب تفجر العنف .

لا أحد ينكر أن الضغوطات التي مرت على المجتمع السوري هائلة , موجعة و مفجعة , نتائجها تظهر بشكل متتال ,وربما لم نصل إلى ذروتها بعد , لكن علينا أن نعترف أن الكثير من آليات التفريغ النفسي ابتكرها السوريون في هذه المرحلة , وكما ثمة عالم موحش , هناك من يبلسم الجراح , وهو عليل يزرع الأمل , عالمنا موحش مقفر في الخارج وفي الداخل,ولكننا نملك آليات التخفيف مما نعانيه , وهذه مسؤولية جماعية , لا أحد منا خارج بوتقتها .

معاً على الطريق-ديب علي حسن

آخر الأخبار
شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا شراكة مجتمعية لترميم مدرسة في الضمير إسرائيل تمنع 14 سفينة مساعدات لغزة وتثير انتقادات دولية "حماس" تدرس خطة ترامب.. والبيت الأبيض ينتظر الرد مبعوث جديد إلى سوريا.. فهل من دور؟ مقاومة المضادات الحيوية.. استراتيجية لمواجهة تهديد عالمي مشترك استراتيجية "قسد" في تفكيك المجتمعات المحلية ونسف الهوية الوطنية ملتقى التوظيف جسر نحو بناء مستقبل مهني لطالبي العمل خبير بالقانون الدولي: السلطة التشريعية الرافعة الأساس لنهوض الوطن وتعافيه السياحة تستقطب الاستثمارات المحققة للعوائد والمعززة للنمو الاقتصادي عبد المنعم حلبي: استعادة الثقة أهم أولويات البرلمان الجديد قروض حسنة بلا فوائد.. كيف نضمن وصول الدعم للمنتجين؟ مراكز دعم وتوجيه في جامعة حمص لاستقبال المتقدمين للمفاضلة تأهيل بنى تحتية وتطوير خدمات تجارية في "الشيخ نجار الصناعية" "مدينتي".. جامعة حلب تسهّل عملية حجز غرفة في السكن الجامعي