لم يعد خافياً على أحد أن استمرار الدولة في سياسة الدعم على نفس الوتيرة هو أمر غير منطقي وربما تكون نتائجه كارثية على الصالح العام، في ظل محدودية الموارد والواقع المعقد الذي فرضته سنوات الحرب والحصار المفروض على الشعب السوري..
حتى أن شريحة الخبراء الاقتصاديين و المحايد منهم يبرر إحداث تغيير في سياسة الدعم في شكله الحالي عبر إعادة توجيهه للشرائح الأكثر استحقاقاً.. وبالتالي فإن أي توجه للحكومة في هذا الإطار منطقي وله مبرراته لدى السوريين بمختلف شرائحهم إلا أن المشكلة تكمن في عدم المكاشفة والشفافية من قبل الحكومة تجاه هذا الملف مستعيضة بغموض غير مبرر ولا يفي بالغرض حتى أن التعامل تجاه ما سرب منذ فترة حول النية بإعادة هيكلة الدعم اعتمد على التكذيب والنفي…!!.
لم نشهد أي موقف واضح تجاه هذا الأمر إلا مؤخراً.. عندما تحدث رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس عن هذا الملف خلال حواره مع كل من قناتي السورية والإخبارية وإذاعة دمشق، حيث فند بشكل منطقي مايحدث من خطط لاتخاذ إجراءات ضرورية ومنطقية و أكد أن الدعم نهج حكومي و موجود لكل مناحي الحياة كما أن العمل جار لإعادة هيكلة الدعم وإيصاله لمستحقيه لا إلغائه، لافتاً أن إعادة هيكلة الدعم ستنعكس نتائجه على الموازنة والدخل والرعاية الاجتماعية كما أن الدعم المقدم في الكثير من المجالات يعتبر جزءاً من تحسين قيمة الدخل ليختم حديثه حول هذا الملف بأن الدعم نهج استراتيجي لسورية لن تتخلى عنه ويتم العمل على وضع آليات تضمن إيصاله إلى أصحابه الحقيقيين ووفورات إعادة هيكلة الدعم تذهب إلى تخفيف عجز الموازنة وتحسين الرواتب وتقديم الرعاية الاجتماعية لمحتاجيها..
بببساطة سيتم استثناء بعض الشرائح من الحصول على الدعم المتمثل في السلع الاستهلاكية من سكر ورز وشاي وماء في حين ستبقى تحظى بالدعم المقدم لحوامل الطاقة والوقود أما بالنسبة لمعيار تحديد من هي هذه الشرائح فما زال قيد الدراسة..
كان من المفترض أن يتم التعامل مع هذا التحرك وفق خطة مدروسة تعتمد على الشفافية والوضوح والدفاع عن مبرراته بشجاعة ومنطق وبشكل جماعي فهو قرار على مستوى الحكومة ككل ولا يخص وزارة أو مؤسسة بذاتها وبالتالي فإن الصمت والغموض لن يفي بالغرض أو من شأنه أن يؤجل ماهو ضروري اتخاذه من قرارات عمدت الكثير من الدول لاتخاذها في أوقات السلم وبعيداً عن الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية اليوم…
على الملأ-باسل معلا