الملحق الثقافي:علم عبد اللطيف:
رحّبت بنا عيناك حين التقينا
فمدّت قلوبُنا لها يدَ دمِها
وعانقتْ وجهكِ
حين فارقناك..عيناك الجامدتان..
أنبأتا بعدم تقبّل فكرة الرحيل
في الطريق..
برزتِ قمراً أبيضَ من وراء الجبال..
واكبَنا بمعيّة استدارته..
سار معنا سيْرَ الجبال
وتوقّف بوقوفنا
وقتها..
عرفنا أن قصائدَ
طافحةً بك..
ستلحق بنا مساءً
لتغمرَ منازلنا.
حين فارقناك مدينةً..يوماً واحداً
دون تبادل الوداع.. ارتفعت حمّى منازلك بغيابنا..
قلنا ذلك لأرواحنا..
فقالت لنا..
حاذروا الغياب مرةً ثانية.. حتى للحظة..
ما لدينا قابل للكسر..
هو فخرُ الزجاج.
كان البحر ارتماءً حميماً على الشطوط..
لم يلج ملكوت الأعماق
قال..
ما لا يُرى
ليس موجوداً..
يالعينين تصنعان وجودك أيتها المدينة..
أعالي البحار لا تمنح جنسيةَ لمولودٍ فيها
ليست أرضاً..
أعالي البحار لا تصنع مدّاً
ولا جزراً أيضاً.
بعدما امتزجت الدماء
عرفنا لماذا تغارين علينا من هبّات الريح.
أهديناك خواتم فضيّة..
فقلتِ..
هي صنارتي..
أعيدكم بها كلما ابتعدتم في الماء
وعندما أنذرتِنا بالرحيل..
وقلتِ..
انسوا صُوَري وقصائدي..وشوارعي
لن أذكر منكم مروراً في فصولي
وقتها..
لم تكوني قد جرّبتِ الغربة.
أجبنا..
يقول المحزونون عادةً..
وداعاً
لكن القساة هم من يقترفُه ولا ترفّ جفونهم
لا يلوّحون به منديلاً نذيرَ غياب ..
وداعاً..
وردةٌ هي..
أمانةٌ لدى المنتظرين عند الشطوط ليلاً
وحين عدتِ
كنّا نعرف أن حنيناً تحملينه في زواياك الغضّة..
لن يتيح لك الابتعاد كثيراً..
الحنين ينهك الأقدام..
لم تبارحي زوايا أليفة..
نعلم..وتعلمين
وتعرف الضفاف وأغصانُ الحور المتدلّية في النهر
أنك قابَ رفّة رمشٍ
من أعيننا.
حين أضاءَ وجهُك زوايانا..
ضحكنا معاً من وداعٍ مُبتدَع
ضحكنا من كبرياء صبرٍ
ومن كل مانعرف موعدَ قدومه.
كان لكِ غبارٌ وزبَدُ كلام
مرميّةً صرتِ..
أشلاءَ بين الأنقاض وبكاءَ نساءٍ يحضنّ صغاراً
تنهض دموعهن في المدافن
ويتلفّتن إلى الباكين على الشطوط.
التاريخ: الثلاثاء1-2-2022
رقم العدد :1081