افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
التاجر ليس بحاجة إلى سبعة أرغفة خبز مدعومة، والصناعي ليس بحاجة إلى مئة لتر من المازوت مدعومة، وأخوه الفقير بأمس الحاجة إليها، ووفقاً لهذه القاعدة، ومن المنطقي، بل البديهي جداً، فإن فكرة تحويل الدعم من الأغنياء إلى من يستحقونه، وتحديداً الأشد فقراً في بلدنا، والأكثر احتياجاً له، مسألة يجب أن تنال رضا الجميع، وخصوصاً الأثرياء.
وقس على ذلك الكثير من الشرائح الاجتماعية، فصاحب المصرف الخاص، أو شركة الصرافة، والصائغ ومالك الجامعة الخاصة، وغيرهم كثيرون، ليسوا بحاجة لهذه وتلك، لا بل إن أخلاق مجتمعنا تحض الأغنياء على العطف على الفقراء، وليس مشاركتهم في أساسيات الحياة المدعومة، فكيف إذا كان الحال مع الدولة ومؤسساتها، والتي تضع مسألة الدعم في صلب إستراتيجياتها وأولوياتها، وتفكر بطرق جديدة وآليات مناسبة لإيصال الدعم إلى مستحقيه الفعليين.
لا بل أضيف هنا أن الشرائح التي ستستبعد، ستتاح لها المواد المدعومة وفق البطاقة الإلكترونية وبسعر التكلفة، وليس حرمانها منها نهائياً، وهذا أحد مرتكزات النهج الإستراتيجي للدولة، رغم ظروف الحرب العدوانية، والحصار الجائر والعقوبات الغربية، وتدمير معظم البنى التحتية، وسرقة النفط والقمح والموارد من المحتلين وأدواتهم، والتي جعلت واردات الدولة ومقدراتها تنحسر بشكل كبير.
ووفقاً لهذه الرؤية أيضاً فإن هذا النهج، لن تتخلى عنه الدولة، وهي مستمرة بالسير عليه، في التربية والتعليم والصحة، في النقل والزراعة والري، وسيبقى دعم الفقراء، لتمكينهم من مواجهة تداعيات التضخم والغلاء وتلاعب قوى السوق بالأسعار، في سلم أولوياتها، ولنا في ما تقدمه الدولة من أرقام في مسألة الدعم خير شاهد، فهي أنفقت السنة الفائتة على التعليم 390 مليار ليرة، وهي تحاول اليوم تأهيل أكثر من٧٣٠٠ مدرسة دمرها الإرهاب خلال سني الحرب العدوانية، وهي قدمت ما يقارب 47 مليون خدمة صحية في العام الماضي وحده، وهناك مئات الأمثلة والشواهد.
الدعم سيبقى للجميع إذاً، كل حسب قدرته، وسيستمر بشكل مدروس بدقة للفقراء تحديداً، ولكن مع تعديل أدواته، وشكله، ومنع استغلاله، وعدم هدره، وبطريقة تحدُّ من ظاهرة الفساد التي نمت على أطرافه.