الثورة – عبد الحميد غانم:
ليس جديداً أن تتناول الصحافة أو الأوساط السياسية في الكيان الإسرائيلي مسألة الهوية وتعريف من هو “اليهودي”؟، فقد تساءل جدعون ليفي في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن اليهودية هل هي قومية أم ديانة؟ وهل من حق الكيان أن يصنف مواطني دول العالم يهوداً أم لا، وهل يستطيع الكيان اعتبارهم (أي اليهود) إسرائيليين؟.
مسألة الهوية، شغلت الكيان الإسرائيلي منذ قيامه، وأثارت صراعات سياسية وحزبية ودينية، ولم تستطع الحركة الصهيونية إعطاء تفسير واضح للهوية اليهودية، حتى إن المشروع الصهيوني حمل أزمة الهوية التي انعكست في تناقضات أيديولوجية إسرائيلية.
وتفاقمت الأزمة خاصة بعد الهجرات اليهودية إلى فلسطين المحتلة، إذ زادت في تعقيد مسألة (من هو اليهودي؟).
الكثير من المعاني عبرت عنها تصريحات (جدعون) فكيان الاحتلال الإسرائيلي لم يعد مكانا جاذبياً ليهود العالم، وأصبحت التحديات التي تواجهه متصاعدة وأبرزها: افتقاد الكيان الصهيوني لأي دور لليهود في العالم كما كان مؤسسو الكيان يسوقونه، وكذلك افتقار الكيان لهوية تحدد وجوده سواء أكانت سياسية أو دينية إذ لا يوجد حتى الآن معنى واضح لوجود الكيان.
حتى إن تجميع يهود العالم في هذا الكيان أصبح هدفاً لا معنى له في ظل افتقاد مكانة الكيان في نفوس يهود العالم على إنه الملاذ الآمن أو أنه المبتغى لهم كما كان يُعتقد عندما كانت الحركة الصهيونية تقوم بتحريض اليهود على الهجرة إلى فلسطين المحتلة وتصوير كيان الاحتلال بأنه الملاذ الآمن وأنه الوطن المنشود.
كما لم تعد حكومات الاحتلال قادرة على إقناع اليهود في الكيان أنه الملاذ الذي كانوا يحلمون به.
فالهجرة اليهودية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في الوقت الذي تتصاعد فيه الهجرة المعاكسة من الكيان ويهرب الإسرائيليون إلى المناطق التي جيئوا منها قسرا كما كانت الصهيونية تخلي فلسطين من أهلها قسراً بالاحتلال والقتل والعدوان.
وتخفي سلطات الاحتلال الأرقام الحقيقية للهجرة المعاكسة وكذلك لليهود الرافضين القدوم إلى الكيان.
فكيان الاحتلال الإسرائيلي وفق قناعات اليهود في العالم غير قادر على إقناعهم على الهجرة إلى فلسطين فكيف به أن يقودهم ويعتبرهم رصيدا احتياطيا للإسرائيليين خارج الكيان، ولا يستطيع اعتبارهم إسرائيليين، كما أنه غير قادر على الحد من الهجرة المعاكسة أو إقناعهم على البقاء في الكيان.
وهو ما جعل (جدعون) يتساءل: هل هناك مكان أخطر على اليهود من إسرائيل؟ لذلك ليس غريباً أن يهرب كيان الاحتلال من أزمته هذه إلى الأمام وأن يحاول تصديرها إلى الخارج من خلال ممارساته الإرهابية والعدوانية في فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل وكذلك اعتداءاته المتكررة على سيادة سورية ودعمه للإرهابيين في تورط مشبوه بالمخطط الأمريكي الغربي التقسيمي للمنطقة.