أدونيس: الحداثة الشعرية نزعة إنسانية متجددة

الثورة:

مازال أدونيس يخلخل المشهد النقدي الجامد بما يقدمه من آراء تعمل على هدم اليباس وتسعى نحو أفق جديد في الثقافة العربية ولاسيما المشهد الشعري.
مشهد ليس منبتاً عن الجذور أبداً، إنما يعمل على تقويتها ومد غصون جديدة منها تكون أيضا ذات ثمر جديد.
في هذا المنحى يعمل كتابه الشعرية العربية على ما يسمى الهدم والبناء..
طبع الكتاب أكثر من مرة ولاقى انتشاراً واسعاً..
قدم له ايف بونفوا الناقد والشاعر الفرنسي المعروف
في الكتاب، يبدو الفصل الرابع أكثر الفصول حضوراً كما يرى الناقد المغربي جميل الحمداوي وقد جاء تحت عنوان:
الفصل الرابع: الشعرية والحداثة إذا كانت الحداثة الشعرية قد ظهرت حسب أدونيس في القرن الثامن الميلادي مع أبي نواس والنفري وأبي تمام وأبي حيان التوحيدي فإنها ستتراجع مع سقوط بغداد على أيدي المغول، واشتداد حملات الصليبيين وسيطرة العثمانيين على الحكم في مختلف الأقطار العربية.
لكن إشكالية الحداثة والتقدم أعيدت من جديد مع عصر النهضة منذ بداية القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين.
وقد نتج عن النقاشات النهضوية اتجاهان: اتجاه أصولي متشبث بالماضي ويرى أن الحداثة تتمثل في علوم اللغة العربية، واتجاه تجاوزي يرى أن الحداثة في تطبيق منجزات ومكتسبات العلمانية الأوروبية. ولكن الثقافة السائدة والمهيمنة في المجتمع العربي كانت هي الثقافة الأصولية لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية، ولاسيما أن البعض يزكي هذا الاتجاه اللغوي والماضوي،ويضيف أدونيس: ويحارب كل اتجاه علماني غربي يدعو إلى التغيير والدمقرطة والتحديث والخروج عن نظام السلطة الحاكمة، ومن يتأمل الحداثة في جوهرها سيجدها هي خروج عن السائد السياسي والأخلاقي والمؤسساتي، أي إنها خروج عن السياسي والفكري و ثقافة الخلافة ونفي للقديم النموذجي.
إن الحداثة حسب أدونيس ثورة وتساؤل ورفض وتحريك ووعي، والحداثة ليست هي الانغماس في الماضي بطريقة سلفية أصولية، وليست انبهاراً بمستجدات الغرب التقنية والعلمية، وإنما هي نقد للتراث والبحث عن الجوانب الحداثية المضيئة فيه وغربلة له والاستفادة من العقل الحداثي ومنهجه، أي إن الحداثة موجودة في تراثنا الشعري عند أبي تمام وأبي نواس في الشعر، والنفري وأبي حيان التوحيدي في التصوف ،والجرجاني في النقد، ولكن المثقفين فهموا الحداثة فهماً خاطئاً ما سبب ذلك في أوهام نجملها في مايلي:
1- وهم الزمنية الذي يتمثل في ربط الحداثة الشعرية باللحظة الراهنة، أي التعبير عن قضايا معاصرة.
2- وهم الاختلاف عن القديم، وذلك بتناول ماهو جديد من الأفكار، واختيار صيغ مخالفة للصياغة القديمة دون أن تكون شعرية حقيقية نابعة من الذات.
3- المماثلة مع الغرب، وذلك بتمثله والاقتداء به لتأسيس الحداثة الشعرية.
ويعني هذا أن الغرب هو مصدر الحداثة، فلا حداثة خارج الشعر الغربي ومعاييره، أي لاحداثة إلا في التماثل مع الغرب.
4- التشكيل النثري والمقصود به أن يتمرد الشاعر عن البنية الإيقاعية الخليلية، ويتمثل الكتابة النثرية لخلق الحداثة الشعرية، بينما هناك نصوص إيقاعية أكثر حداثة من القصيدة النثرية، والعكس صحيح أيضا.
5- الاستحداث المضموني كما نجده عند شعراء النهضة كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومعروف الرصافي، وذلك حينما تناولوا المخترعات الجديدة بالوصف كالسيارة والقاطرة و الثلاجة والطائرة… ويدعو أدونيس إلى كتابة تاريخ حقيقي للحداثة الشعرية العربية ابتداء من القرن الثامن الميلادي حتى القرن العشرين، أي حينما ظهرت مجلة شعر باعتبارها تشكل الحداثة الثانية.
ويعني هذا أن هناك حداثتين: حداثة قديمة مع شعراء التحول في العصر العباسي، وحداثة ثانية وجديدة مع مجلة شعر.
هذا، وإن الحداثة الشعرية عند أدونيس هي حداثة إنسانية تتجاوز التقني و العلم التقدمي المستقبلي والماضي الأصولي.
إن الحداثة هي الزمنية واللازمنية، إنها التحول والإبداع والابتكار والتجديد، إنها نزعة إنسانية قائمة على تفجير المكبوتات واللغة الشعرية وانتهاك الظاهر بلغة الغيب والباطن إنها الغرابة والغموض والإبهام ولغة الكشف واللانهائي واللايقين والعودة إلى الفطرة الأسطورية والطبيعة الإنسانية.
لقد أشعل أدونيس نار السؤال وطرح الجمر على بساط البحث ولن يخمد الجمر الا ليشعل جمرا آخر.

آخر الأخبار
تفاهم بين وزارة الطوارىء والآغا خان لتعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث رحلة التغيير.. أدوات كاملة لبناء الذات وتحقيق النجاح وزير الصحة من القاهرة: سوريا تعود شريكاً فاعلاً في المنظومة الصحية في يومه العالمي ..الرقم الاحصائي جرس إنذار حملة تشجير في كشكول.. ودعوات لتوسيع نطاقها هل تتجه المنطقة نحو مرحلة إعادة تموضع سياسي وأمني؟ ماذا وراء تحذير واشنطن من احتمال خرق "حماس" الاتفاق؟ البنك الدولي يقدم دعماً فنياً شاملاً لسوريا في قطاعات حيوية الدلال المفرط.. حين يتحول الحب إلى عبء نفسي واجتماعي من "تكسبو لاند".. شركة تركية تعلن عن إنشاء مدن صناعية في سوريا وزير المالية السعودي: نقف مع سوريا ومن واجب المجتمع الدولي دعمها البدء بإزالة الأنقاض في غزة وتحذيرات من خطر الذخائر غير المنفجرة نقطة تحوّل استراتيجية في مسار سياسة سوريا الخارجية العمل الأهلي على طاولة البحث.. محاولات النفس الأخير لتجاوز الإشكاليات آلام الرقبة.. وأثر التكنولوجيا على صحة الإنسان منذر الأسعد: المكاشفة والمصارحة نجاح إضافي للدبلوماسية السورية سوريا الجديدة.. دبلوماسية منفتحة تصون مصلحة الدولة إصدار صكوك إسلامية.. حل لتغطية عجز الموازنة طرق الموت .. الإهمال والتقصير وراء استمرار النزيف انضمام سوريا إلى "بُنى".. محاولةٌ لإعادة التموضع المصرفي عربياً