الثورة – ريم صالح:
يوم الرابع عشر من شباط عام 1982 يوم العزة والفخار، يوم الهوية والانتماء، يوم رفض الخنوع والارتهان للمحتل الإسرائيلي، ففي هذا اليوم سطر أهلنا في الجولان المحتل أروع ملحمة بطولية عندما نفذوا إضرابهم الشامل والذي استمر قرابة الـ6 أشهر وتصدوا من خلاله لقرار كنيست الاحتلال الإسرائيلي المشؤوم بضم الجولان المحتل، وفرض القوانين الإسرائيلية على أبنائه، والذي صدر في الـ 14 من كانون الأول عام 1981، حيث أطلقوا يومها شعار “المنية ولا الهوية” على إضرابهم المفتوح، رفضاً لفرض “الهوية الإسرائيلية”، ولقرار الضم الباطل، وللتأكيد على تمسكهم بهويتهم الوطنية، وانتمائهم لجغرافيتهم السورية، ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير آخر ذرة من تراب الجولان المحتل، والعودة إلى حضن وطنهم الأم سورية.
وهنا لابد من التنويه إلى أن هذا الإضراب الوطني والموقف المشرف إنما جاء بعد اجتماع شعبي تنادى إليه أهالي الجولان بمشاركة الآلاف منهم في الثالث عشر من شباط عام 1982، وقرروا فيه إعلان الإضراب للتأكيد على رفضهم القاطع قرار الضم، ومقاومة كل إجراءات الاحتلال، والتمسك الثابت بهويتهم الوطنية السورية.
قوات الاحتلال الإسرائيلي وفور إعلان الإضراب قامت بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية، وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري وعزلهم عن العالم الخارجي، للضغط عليهم، وإجبارهم على إنهاء الإضراب، والقبول بقوانينها، كما عمدت إلى اعتقال عشرات الشبان من أبناء الجولان، بعد حملات مداهمة للبيوت، وفرضت منع التجول في مختلف القرى.
ولكن أهلنا الصامدين لم يقفوا مكتوفي الأيدي، أو يستسلموا لإرهاب كيان الأباراتيد الصهيوني وممارساته الإجرامية والعدوانية، وإنما قابلوا الحصار الجائر وضغوط الاحتلال بالصمود، والمقاومة، والتجذر في أرضهم، وقراهم، وخاضوا خلال فترة الإضراب مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، كان أهمها معركة الهوية التي جرت في الأول من نيسان عام 1982، بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال عدة قرى، ونكلت بأهاليها، وبعد أكثر من خمسة أشهر من الإضراب اضطر كيان الاحتلال إلى الاستجابة لمطالب الأهالي، والتراجع عن مخططاته العنصرية لفرض “الجنسية الإسرائيلية” على أبناء الجولان بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة والكثير من الدول الحرة في العالم أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان باطل، ولا أثر قانونياً له، وأن الجولان أرض سورية.
واليوم وفي الذكرى الأربعين للإضراب الكبير والشامل لأهلنا في الجولان رفضاً لقرار الضم الباطل يؤكد أهالي الجولان من الأجداد إلى الأبناء وصولاً إلى الأحفاد بأن الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال، وأن الجولان بكامل أرضه، وسكانه، ومائه، وترابه، وسمائه عربي سوري منذ الأزل، وإلى الأبد، وبأنه كان وسيبقى سوري الهوى، والانتماء، والهوية، والجنسية رغم أنف الواهمين.