“مدنُ الرماد” حكاية حربٍ لم تنتهِ .. الحرب الأخرى

بقلم الدكتور مازن سليم خضور:
في الماضي كنا نسمع ونشاهد ” المدينة المهدمة” مدينة القنيطرة التي بقيت كدليل على تدمير منظم وممنهج من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أن يتم تحريرها من قبل الجيش العربي السوري في حرب تشرين التحريرية.
اليوم بتنا أمام مجموعة من المدن المشابهة سواء من حيث التدمير أو التغيير الديمغرافي والأمثلة كثيرة.
مدينة عفرين السورية بريف حلب التي تتعرض لانتهاكات مستمرة سواء من قبل الاحتلال التركي من جهة أو من خلال مرتزقته وهي الفصائل التابعة للاحتلال التركي من جهة ثانية عبر عمليات القتل والسرقة، وقطع الأشجار وسرقة الزيتون، وتدمير البنى التحتية واستهداف المواقع الأثرية لناحية محو الماضي وسرقة هذه الاثار وبيعها حيث تم تدمير ما تبقى من “تل عقرب” الأثري في ناحية “جنديرس” 20 كيلومترا جنوبي مدينة عفرين، وهو من التلال المسجلة في قيود الآثار السورية بالإضافة إلى العشرات من التلال الأثرية ومنها (تل عين دارة وتل عبوش وتلة خله) وصولاً إلى سرقة الأسد البازلتي من “عين دارة” حيث أشارت التقارير الصحفية أن ثماني محميات أثرية تعرضت للقصف من قبل الاحتلال التركي في عفرين.
مدينة تدمر الأثرية لم تسلم من التدمير المتعمد والممنهج ولكن من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي حيث قام مسلحو التنظيم الإرهابي بتدمير واجهة المسرح الروماني والتترابيلون، وهما اثنان من أشهر الصروح في مدينة تدمر الأثرية بالإضافة إلى فظائع في المنطقة.. ودمر التنظيم الإرهابي آثاراً مهمة في المدينة بينها معبدا بل وبعل شمين بتفجيرهما حتى أن جرائمه أقامها على المدرج الأثري ،منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم “اليونيسكو” اعتبرت أن تدمير مسلحي “داعش” لواجهة المسرح الروماني والتترابيلون في مدينة تدمر “جريمة حرب”.
وفي مدينة الرقة أدت الحملة العسكرية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الرامية بحجة طرد تنظيم “داعش” من المدينة إلى سقوط الآلاف من المدنيين بين قتيل وجريح وخلف القصف الذي استمر لأشهر دماراً واسعاً بالمدينة، وحوّل معظم المدينة إلى أنقاض حتى أن منظمة العفو الدولية أشارت إلى أن مدينة الرقة تحولت إلى أنقاض والمدنيون يعانون أهوال الدمار في أعقاب “حرب الإبادة” التي يشنها ما يسمى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وأشارت إلى أن القنابل “الدقيقة” التي ألقتها الولايات المتحدة أدت إلى سقوط أعداد هائلة من القتلى والمصابين في صفوف المدنيين والأخطر أنه سمح لمقاتلي “داعش” من مغادرة المدينة. وهنا علق الباحث المعني بالشرق الأوسط لدى منظمة العفو الدولية بأنه ما هي المزايا العسكرية المحتملة من وراء تدمير مدينة بأكملها تقريبا وقتل العدد الكبير من المدنيين؟
وتسببت غارات “التحالف” المزعوم لمكافحة الإرهاب بتدمير كل الجسور المؤدية إلى مدينة الرقة وأكدت الأمم المتحدة أن مدينة الرقة السورية تم تدمير أو تخريب من 70 إلى 80 بالمئة من مبانيها حسب مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، أرسولا ميولر.
مدينة حلب لم تكن خارج السياق حيث أعلنت اليونيسكو أن ثلث مدينة حلب القديمة قد دُمر تماما أثناء الحرب وأرسلت المنظمة بعثة طارئة إلى حلب لتقييم الأضرار التي لحقت بمدينة حلب القديمة، المدرجة على قائمة المواقع الأثرية العالمية وتوصلت البعثة إلى وجود “أضرار هائلة”، طالت المسجد الأموي الكبير، والقلعة وغيرها من المواقع التاريخية.
وقالت اليونيسكو في بيان إن “60 في المئة من المدينة القديمة في حلب أصيب بأضرار كبيرة، في حين دُمر 30 في المئة منها تماماً” علماً أن هذه المناطق كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية بأسمائها المختلفة.
كل هذا يقودنا إلى الدمار الممنهج الذي حصل مؤخراً بحق مدينة الحسكة ولاسيما كليات فرع جامعة الفرات من قبل “مليشيا قسد” والاحتلال الأميركي الذي تعمد تدمير مبنى فرع جامعة الفرات وكليتي الهندسة المدنية والاقتصاد والمعهد التقاني الهندسي (معهد المراقبين الفنيين) ضمن مسرحية ما سمي “سجن الثانوية الصناعية” في حي غويران بالمدينة بذريعة ملاحقة هاربين من السجن كان منظما ومتعمدا.
البعض تحدث أن تدمير الأبنية والكليات الجامعية في محيط سجن الثانوية الصناعية مخطط خبيث لإفراغ المنطقة بشكل كامل وإخلائها كونها قريبة على مناطق تواجد الاحتلال الأمريكي غير الشرعي في المنطقة.
وفي تصريح لوسائل الإعلام أكد رئيس جامعة الفرات الدكتور طه الخليفة بأنه تم استهداف ممنهج لبعض مباني جامعة الفرات في الحسكة من قبل طيران الاحتلال الأمريكي، وتبِع ذلك ترحيل كافة المستلزمات العلمية والمخبرية الموجودة في الكليات إلى أماكن مجهولة والتي تُقدّر قيمتها بعشرات المليارات مشيراً إلى “خطورة الانتهاكات وأعمال التدمير التي طالت الأبنية الجامعية وتهدد مستقبل آلاف الطلاب في محافظة الحسكة.

مشاهد المدن والقرى المهدمة في الجولان المحتل وفي عفرين وحلب والرقة وصولاً إلى الحسكة ما هو إلا شاهدٌ على همجية الاحتلال باختلاف اسمه سواء كان تركيا أو أميركيا أو إسرائيليا أو حتى باختلاف الأدوات التنفيذية لهم سواء “داعش” أو “قسد” أو غيرهما من التنظيمات الإرهابية التي سعت وبشكل منظم ومدروس لسرقة الماضي والحاضر وما هو إلا تأكيد على أنهم وجهان لعملة واحدة.. لكن جميعنا على أمل أن المستقبل سيكون لنا بهمة الجيش العربي السوري.

آخر الأخبار
تعزيز كفاءة الشبكة الكهربائية في القنيطرة وضمان استقرار التغذية "عطاء الخير" توفر الحليب للأطفال المهجرين بدرعا المنتجون بانتظار الوعود.. صناعة الأحذية في حلب تواجه الإغراق د. نهاد حيدر لـ"الثورة": اعتماد الدفع الإلكتروني للتخفيف من التداول الورقي تركيا: التعافي الاقتصادي السريع مهم للاستقرار السياسي في سوريا نحو كفاءات إدارية تعزز جودة التعليم في دمشق حرستا تستعيد مدارسها.. "إسماعيل الريس" تتهيأ للعودة إلى الحياة "أرواد" لؤلؤة الساحل ودرّة السياحة بلا خدمات أو استثمار سوريا تنهض بمسؤولية تاريخية في تحقيق استقرار المنطقة بمشاركة أكثر من 37 شركةً.. فعاليات "موتوريكس إكسبو 2025" تنطلق حول سوق السيارات.. توقعات للمشاركين في "موتوريكس إكسبو 2025" قنابل الحرب النائمة تواصل قتل المدنيين في ريف إدلب استغلال صريح لعمل الشباب في ظل الأزمات الاقتصادية "القاتل الصامت" يفتك بصحتنا بهدوء.. بقايا المبيدات الزراعية ومخاطرها على حياتنا في مدينة أنهكتها الحرب تتحوّل القمامة إلى مكان للبحث عن الرزق! بريطانيا تجدد دعمها للشعب السوري وتطلق حزمة مساعدات إنسانية جديدة "ريف دمشق بخدمتكم".. نحو تنمية تشاركية وخدمات أفضل وحدة تصنيع السقيلبية..فرص عمل لـ 25 امرأة من النساء الأشدّ حاجة "السويداء في قلب سوريا" حملة شعبية ضد خطاب الكراهية والتقسيم دمشق والخرطوم تبحثان إعادة افتتاح البعثة السورية وتوسيع التعاون الاقتصادي والطلابي