“المكان” بوصفه منتجاً لعلاقات من طبيعته

الثورة – لميس علي:
في الأغلب، سيخطر لك بعد الانتهاء من مشاهدة فيلم (قوة الكلب) أن شبكة العلاقات التي يرسمها تشبه جغرافيا المكان الذي أوصل إليها.
في (قوة الكلب، The power of dog) نحن أمام فيلم ينتمي ظاهرياً إلى أفلام “الويسترن” ليطفو على سطحه، مع تتابع الأحداث، نوعٌ من لعبة التضاد بين ما نرى وبين معانٍ كثيرة أراد طرحها بكل تكثيف وبلاغة سينمائية عالية.
تتشعب الأفكار والدلالات التي تريد كمتلقٍ فك شيفرتها..
وكل ذلك تطرحه عين المخرجة النيوزلندية “جاين كامبيون” بلغة بصرية اعتمدت أيضاً التضاد بين صور عامة واسعة تصوّر جمال طبيعة المكان، وبين صور تلتقط تفاصيل إنسانية حيّة كالتركيز على وجوه وأيدي أبطالها في لقطات عدة.
يختزل (قوة الكلب) المأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب توماس سافاج، والمرشح ل(12) جائزة في الأوسكار القادم، يختزل الكثير على صعيد اللغة المحكية، ليفيض لغة من نوع آخر مُلغّزة. تتواطأ مع أسرار شخصياته ومع طبائعها. فنحن، على سبيل المثال، أمام شخصية محورية (فيل، بنديكت كومبرباتش) محيّرة، خشنة ظاهرياً، والتي تُخفي عالماً داخلياً له رؤيته الخاصة وقناعاته التي تخبّىء رقةً وشافيةً غير مُعلنة، ينعشها بطريقته التي لا يدركها سواه..
فالسهوب والهضاب القاسية والجرداء التي تحيط بمكان انتمائه، تركت بصمتها على ظاهر حضوره فعلّمته ألا يكون ليّناً بل قاسياً وصلباً كما هي تماماً.
وبذات الوقت فرضت طبيعة المكان انعكاسها على كل من فيها.. فمنحتهم ظلال علاقات.. أو ربما علاقات ملتوية.. غامضة.. معقدة.. قاسية ظاهرياً.. تُبطن أحياناً ما يعاكسها.. لتخفي عالماً قائماً بحدّ ذاته من الهشاشة غير المرئية، وهو ما شاهدناه حين يختلي “فيل” بنفسه، وكأنه يمارس فعلاً تطهيرياً اغتسالاً بالماء..
وبالتالي هي علاقات وعرة وعورة المكان الذي أنشأها.
وعورة طبع “فيل” سيقابلها طبائع أشخاص آخرين تخالفه من حيث الظاهر وحتى بما خفي عن العين المجردة.. والنموذج الأكثر من واضح والذي يقف على الضد من شخصية “فيل” لن يتمثل بشخصية زوجة أخيه “روز، كريستين دانست” وحسب، بل بشخصية ابنها “بيتر، كوري سميث ماكفي” الرقيق ظاهرياً، لكن على ما يبدو يخفي نوعاً خاصاً من القوة غير الملحوظة.

la4.jpg
ينتهي الفيلم دون أن نتيقن إن كانت العلاقة بين “فيل” و”بيتر” بالفعل علاقة صداقة حقيقية أم انطوت على شيء من ألغاز الانتقام وإثبات أيهما الأقوى.
هل موت “فيل” كان صدفة.. أم إن الجلد الخام الذي أعطاه إياه “بيتر” لصنع الحبل كان سبباً بنقل مرض الجمرة الخبيثة وبالتالي موته بشكل غير مباشر..؟
يبدو أن قوة “بيتر” الناعمة غلبت أخيراً قوة وخشونة “فيل” الظاهرة.
لا يصرح الفيلم بكل هذا، بل يكتفي بإيحاءات عبّرت عنها عين المخرجة “كامبيون” بلقطات تحمل رمزية وشفافية مدهشة لتعبر نهاية عن اختزال المشاعر والعلاقات الإنسانية بصورة طبق الاصل عن المكان الذي ولّدها.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً