الثورة – غصون سليمان:
على حدود الزمن تقف المرأة السورية شامخة كشموخ قاسيون بلون العزة والمجد، متجذرة بوعيها وكيانها كعمق جذور السنديان التي لاتنحني أغصانها للريح وإن كان بموجة إعصار، فهي مابين السماء والأرض تتوج حضورها ببصمة بقاء، وقعتها بمرارة تعب وقوة كفاح ورصانة موقف..
رائدة في تفاصيل عملها، قدوة في سلوك إدارتها، ذكية في التقاطها لمضمون الحدث، فاعلة ومنفعلة بقضايا مجتمعها، مؤثرة بدقة حيث يكون التأثير موجعاً لمن لايستحق، ونافعاً لمن يستحق.
في يوم المرأة لا نتحدث عن الشعارات والمصطلحات ولا عن النساء المتميزات وما أكثرهن على كل صعيد. وإنما نشير إلى الدروب والمسارات التي أيقظت فيها روح المرأة لتكون في المقدمة إلى جانب أخيها الرجل.. أباها وزوجها وابنها، فكانت الأم الحاضنة للقيم والمبادئ، المقاتلة الشجاعة في الذود عن حياض الوطن، الشهيدة التي اختصرت معاني الرسالة والتضحية، والمعلمة المتفانية للنهوض بالجيل، الأستاذة المحفزة لصياغة رؤى المستقبل، الطبيبة والممرضة المداوية للجروح والكدمات، المحامية والقاضية المرافعة عن حقوق المظلومين والمقهورين، العاملة والفلاحة الدؤوبة والموظفة المثابرة لإنجاز ما لديها من أعمال وأشغال، الأديبة والكاتبة التي تنظر بعين الثقة والمعرفة للخروج من أوحال الوهم ونظرة القصور في بنية المجتمع، الإعلامية المقتحمة لكل المخاطر دون تردد كي لاتغطي غبار العواصف حقيقة الواقع ويزور وجهه الطبيعي، المرأة السفيرة والدبلوماسية المرموقة حاضرة على كل منبر للقول الفصل، وغيرها الكثير من عضوات مجالس محلية ومكاتب نقابية ومهنية ومنظمات شعبية مختلفة..
هي المرأة السورية التي جمعت في خلاياها كل هذا الطيف وذاك اللون من الحب والعطاء لترسم ربيع سورية الحقيقي الذي يليق باسمها وسمعتها وخصوصيتها متعالية على نكبات جراحها رغم قسوة الأيام ووحشية الإرهاب والإجرام الذي عصف بكل شرايين الحياة ولم يترك قلباً وفؤاداً إلا وحفر فيه غصة.
داوت نفسها بنفسها، وطيبت خاطر وطنها، ردمت شرخاً، ورممت بناء، وطوت حزناً وخلافاً ولتبقى الجوهرة التي ماصدأت يوماً.
في يوم المرأة العالمي تحية حب لكل أم وزوجة، إلى عوائل الشهداء والجرحى والمطورين على امتداد الوطن.. فالمرأة وطن.