الثورة – رنا بدري سلوم:
إنّه لمن القبحِ أن تتفشى الصورة النمطية التي تسيء إلى المرأة وهي في وهن واستكانة، فما إن تضع الحرب أوزارها حتى تتصدّر صور المرأة شاشات مواقع التواصل الاجتماعي، بغض النظر عن جنسيّة هذه المرأة ولونها وعرقها.. سورية أم أفغانية أم عراقية أو أوكرانية، تظهر وهي تهرب من ويلات الحرب، لا يهمها إلا حماية أطفالها من حربٍ ضروس، تبحث عن ملجأ آمن للحفاظ على أرواح صغارها، الغريب في الأمر ذكوريّة الرجل التي تظهر في أوقات الحروب، فالبعض الكثير من “الذكور” يشارك في صفحته الشخصية على الفيسبوك صور لفتيات لا يدرك تماماً ماهية وجودهن على أرض الواقع، فيعجب بمنشور مجهول المصدر وقد يكون مفبركاً، ليعلّق فاتحاً أبواب بيته ليكون سكناً وملجئاً آمناً لتلك النساء الهاربات من واقع أليم، في وقت يعيش الطلاق الصامت مع زوجته، ويمارس العنف الأسريّ مع بناته.. فعجباً!.
إلى متى نحتفي بيوم المرأة العالمي، ولم نجد من يقف لنصرة الحقّ وهي المرأة التي تعاني من عنصرية اللون والعرق والجنسية والكفاءة العلمية والطبقة الاجتماعية، إلى متى ستبقى المرأة ضحيّة الحروب؟ تُباع وتشترى كما وأنها في سوق النخاسة، تُزوج قاصراً، وتُلوى ذراعها في أبسط حقوقها تَلعق الحنظل ذريعة الحرب والفقر والعوز.
ليس بجديد هذا العام، إلا الشعار الجديد وهو “كسر التحيز” لحملة اليوم العالمي للمرأة لعام 2022، الذي صمّمه مناصرو المرأة، يتضمن الشعار صوراً وأشكالاً مختلفة للنساء حول العالم وهن يضعن أيديهن بشكل عكسيّ إشارة لفكرة كسر الحاجز، فهل حقاً سنكسره؟!.
ما أحوجنا اليوم إلى كسر الحواجز كل الحواجز، وإدراك أن المرأة المضطهدة التي تعيش في مخيمات اللجوء تعيش القهر والذل والحرمان، ذاتها المرأة العاملة التي تقاسم الرجل شقاء الحياة فتعيله وتعمل معه من أجل لقمة عيش، هي ذاتها المرأة المعلّمة التي تربي وتعلّم الأجيال كيف يشرق الأمل بعيني العِلم، هي ذاتها الأم التي تحضن وترضع صغارها بقلبٍ حانٍ، فالمرأة هي المرأة يا سادة.
المرأة اليوم وبعيدها بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى احترام وجودها وتقدير عطاءاتها ومساواتها مع الرجل في حقوقها أيا كانت صفة هذه المرأة أمّ أو ابنة أو زوجة أو أخت أوجدّة، فتعالوا أيها السادة في هذا اليوم أن نشدد بأزر هذه المرأة التي تذوبُ حياء أمام القانون في مطالبتها بميراثها، وتخجل من مجتمعها إن عبّرت عن مشاعرها، وتذوق ذرعاً منه إن لم تتزوج، وتُجلد بألسنة الاتهامات إذا كانت مطلقة أو أرملة، ويُنظرُ إليها بأنها لقمة سائغة إن كانت يتيمة مشرّدة مقهورة، مئات القصص التي تعانيها المرأة في كل العالم وكل يوم ولا تستطيع أبجديات العالم أن تختصر هذه المواجع التي شكّلت المرأة، هذا الكائن الضعيف الذي يقوى حين نعطيه فرصة الانطلاق بثقة، ونمد له يد العون فنكون السند والطمأنينة، نضيء في عتمة الجهل المجتمعي شمعة الوعي والتفكير في أن المرأة كائن مستقلّ له حق الحياة الكريمة والتعلّم وحريّة الرأي واتخاذ القرار، وعليه ستربي هذه الأم أجيالاً مسؤولة تعي حقوقها وتقدّر واجباتها جيداً، فكما قيل “إذا أردت أن تعرف رقي ّأمة فانظر إلى نسائها”.