حسام الدين بريمو.. الزارع في حقل الحياة

الثورة – فؤاد مسعد:

هو أشبه بزارع يضع يده على المحراث لتهيئة الأرض زارعاً البذار دون أن ينظر إلى الخلف، فينمو الزرع ثماراً يانعة تقوم هي الأخرى بفعل العطاء الذي تعلّمته وورثت نبله من الزارع، همه العمل الدؤوب بجد ومسؤولية حاملاً بقلبه حباً كبيراً للعطاء، اعتاد أن يزرع غراسه أينما حل تاركاً عطر أثره الطيب في كل مكان، إنه المُبدع المايسترو حسام الدين بريمو معاون مدير الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، وقائد ومؤسس (لونا) للغناء الجماعي بجوقاتها التي تضم مختلف الأعمار، امتلك هاجسه الإبداعي وسعى إلى تحقيق مشروعه في إحياء الغناء الجماعي الذي حمل بين طياته بعداً تربوياً وتنموياً وحضارياً.
ما قدمه من عطاء موسيقي وإبداعي وإنساني لم يذهب أدراج الرياح، وإنما جاء راسخاً كالبيت المبني على الصخر تظهر آثاره على أكثر من صعيد، لا بل هناك ما هو أبعد من ذلك، فاليوم كثيرة هي القلوب الدافئة والمُحبة التي توحدت فيما بينها رافعة صلواتها بخشوع كبير مبتهلة إلى الله أن يمده بثوب العافية بسبب الأزمة الصحية التي يمر بها، هذه الأزمة التي ربما يُخفِف من وطأتها عمق المحبة التي يمكن تلمسها ليس فقط ضمن إطار عمله، وليس فقط بين أصدقائه وأقاربه، وإنما عند كثيرين داخل وخارج سورية عرفوه عن قرب يوماً وزرع في قلوبهم أثراً لا يُمحى.
يُعتبر لكثيرين الصديق الصدوق والأخ والأب والمعلّم والمُبتكر والمُحفز والعرّاب والقدوة وصانع الفرح، ولدى العودة إلى الوراء قليلاً وتحديداً في شهر تموز عام 2008 ضمن (الملتقى العربي للأطفال التاسع) أذكر كيف تعاطى حينها مع الأطفال واستطاع بسهولة وسلاسة الوصول إلى قلوبهم، فخلال وقت قصير أعطاهم كل ما يمكن أن يُستزادوا منه كتعريفهم بالآلات الموسيقية عن قرب ومحاولة تعلّم العزف على آلة (الريكوردر) وتدريبهم على كيفية إخراج الصوت بشكل أنقى وأقوى وأكثر حناناً وشجناً، كانت تلك تجربة سريعة عن قرب اختبرت وقتها بأي شغف يعطي وبُعلّم، وبأي إخلاص وحبّ يحاول نقل المعلومة للآخر وفقاً لعمره ومفهومه وإحساسه بالأشياء، بهذه الروح الوقّادة والأصيلة كان ولايزال يعمل، وتتالت اللقاءات وتتالى معها اكتشاف مكامن وآليات تعاطيه مع الموسيقا وبناء الإنسان، وكيف كان يسعى في كل مرة إلى إشعال شمعة بدلاً من لعن الظلام.
له رؤاه في الموسيقا والحياة، فهو معنيٌ في البحث وتجديد وتطوير التراث الموسيقي ضمن أطر وشروط معينة، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال ما تم تقديمه عبر جوقة (قوس قزح)، كما أنه معنيٌ بالتدريب فبالإضافة إلى (لونا للغناء الجماعي بجوقاتها) قام بتدريب العديد من الجوقات الأخرى، وله في ذلك باع طويل، ومثال ذلك ما قدمه ضمن ملتقى (الجوقات السورية) الذي أقيم العام الماضي، وشاركت فيه عشر جوقات من عدة محافظات سورية حيث أشرف على إحدى الورشات التي أقيمت للجوقات وسعى خلالها إلى التركيز على موضوع الغناء الجماعي وفكرة مفادها أن الموسيقا مرح (فلتغنِ من كل قلبك، افرح وفرّح، ولنخرج في النهاية بمُنتج رصين مدروس ودقيق)، وفي الملتقى نفسه قدّمت جوقة (قوس قزح) بقيادته مجموعة منتقاة من أغنيات حول العالم منحازة بذلك لاختيار الأصعب في الأداء من خلال اللغات المختلفة التي غنت بها والهارموني في توزيع الأصوات.
المايسترو حسام الدين بريمو الزارع في حقل الحياة إبداعاً وجمالاً ومحبة، من الصعوبة بمكان الإحاطة بكل ما قدّمه من إنجازات حقق عبرها الفارق والمختلف خلال سنوات مديدة من العطاء، وننتظر منه دائماً المزيد من المشاريع الموسيقية والإبداعية، متضرعين إلى الله أن تمر الأزمة الصحية كغيمة صيف عابرة سرعان ما تنقشع ليعود إلى نشاطه المعتاد سالماً معافى.

آخر الأخبار
وزارة الصحة تتسلم 16 سيارة إسعاف مجهزة.. وأولوية التوزيع للمناطق الأشد حاجة اثنان منهم عملا على الملف السوري.. الإعلان عن الفائزين بجائزة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لعام 2025 حمص تستعيد هدوءها.. رفع حظر التجوال واستئناف الدوام المدرسي عن المجتمع المدني والمرأة في المرحلة الانتقالية  ضمن نتائج حملة "فداءً لحماة".. المحافظة تطلق مشاريع خدمية لتمكين عودة الأهالي اعتقال 120 متورطاً باعتداءات حمص والداخلية تعلن إنهاء حظر التجول مدير الشؤون الصينية في وزارة الخارجية: إعادة فتح سفارة الصين بدمشق مطلع 2026 من بداية 2026.. سوريا والأردن يتفقان على توسيع التبادل التجاري دون استثناء الجناح السوري يتصدّر "اليوم الثقافي" بجامعة لوسيل ويحصد المركز الأول السيدة الأولى تحضر قمة "وايز 2025" في أول نشاط رسمي لها سوريا والجامعة العربية.. عودة تدريجية عبر بوابة التدريب العسكري دمشق تحتضن ملتقى الموارد البشرية.. مرحلة جديدة في بناء القدرات الإدارية في سوريا  الخارجية تستقبل أرفع وفد سويدي لمناقشة ثلاثة ملفات توغل إسرائيلي جديد في ريف القنيطرة وعمليات تجريف واسعة في بريقة لتعزيز الجودة القضائية.. وزير العدل يشارك بفاعلية في الرياض أردوغان: أنقرة لا تحمل أي نزعة للتوسّع في سوريا جيل بلا آباء.. تداعيات غياب الرجال على البنية الاجتماعية والأسر في سوريا ترخيص أكثر من 2700 منشأة خلال تسعة أشهر بلودان والزبداني تعيدان ابتكار السياحة الشتوية.. الطبيعة أولاً والثلج ليس شرطاً "استثمار تاريخي بقيمة أربعة مليارات دولار".. توقيع العقود النهائية لتحويل مطار دمشق الدولي إلى مركز ...