الاعتراف المتأخر الذي أدلى به الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بأن بلاده لن تنجح في الحصول على عضوية حلف الناتو، يشير إلى عدة حقائق هامة، أولها حالة العجز الكلي للغرب عن كسر أي من الخطوط الحمراء لروسيا، ولعل زيلينسكي أدرك هذه المسألة من خلال مجريات العملية العسكرية الروسية، والرفض الأميركي والأوروبي لمطالبه بشأن فرض حظر للطيران فوق بلاده، خوفاً من توسع نطاق الحرب، وتهديدها للأمن الأوروبي برمته.
وثاني هذه الحقائق، هو أن الغرب وحده من يتحمل مسؤولية هذه الحرب، من خلال جر كييف لأن تكون رأس الحربة في مواجهة روسيا، من دون أن تتجرأ الحكومات الغربية على زج قواتها في المعركة، وإنما الاكتفاء بإرسال الأسلحة، وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، وهو أقصى ما تستطيع فعله، لإدراكها مدى فداحة الثمن الباهظ الذي ستدفعه بحال المشاركة العسكرية الفعلية بهذه الحرب.
زيلينسكي اعترف بهذه الحقيقة لأنه بكل تأكيد لمس مدى ضعف الغرب، وعجزه عن مواجهة روسيا عسكرياً، ولاسيما أنه لم ينفك يطالب الدول المحرضة له، بالمشاركة العسكرية إلى جانب قواته من النازيين الجدد، ولكن من دون جدوى، الأمر الذي دفعه لاستجداء المرتزقة الأجانب، والإرهابيين من كل أصقاع الأرض، وهو ما رحبت به الدول الغربية، لتزيح عن كاهلها ثقل أي مواجهة عسكرية محتملة مع روسيا.
ولعل الحقيقة الأهم تتمثل بأن الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين سرعان ما تتخلى عن أدواتها، عندما تفشل بتحقيق مشروعها التخريبي، وتصل إلى طريق مسدود، وهي تترك ضحاياها من العملاء والخونة يواجهون مصيرهم بأنفسهم، قبل المسارعة إلى عقد تفاهمات واتفاقيات جديدة مع خصومها المستهدفين بإرهابها، حفاظاً على مصالحها الإستراتيجية، وهذا الأمر بات من المسلمات بالنسبة للسياسة الأميركية والأوروبية.
البقعة الساخنة – ناصر منذر