أصالة الحرفة وسط عبث التشكيل(بضاعتنا ردت إلينا)

الثورة – أديب مخزوم:
أكثر ما تميز به التشكيل السوري والعربي المعاصر يكمن في تفوقه الدائم على الاجترار والتقليد والتبعية ، حتى باتت التقنيات الفنية الأوروبية من السمات الأساسية في تجارب التشكيليين السوريين والعرب، بحيث لم يعد بالإمكان التخلي عنها، رغم الطروحات والاجتهادات النظرية لاستبعادها.‏
حدث ذلك منذ الانقلاب الأبيض الذي تزعمه الفنان الإسباني الشهير «بابلو بيكاسو» في قلب العاصمة الفرنسية، والذي تمثل بإطلاق لوحته الجدارية ( فتيات أفنيون 1907) وذلك باعتماده التحليل الهندسي للعناصر والأشكال، وقاده إلى مرحلته التكعيبية، التي شكلت امتداداً لتحولات فن «بول سيزان» الذي أطلق أولى موجات التجديد والحداثة في فنون مابعد الانطباعية والنيو انطباعية في مدرسة باريس، دون تجاهل دور “جورج براك” بإعتباره هو و”بيكاسو” من أعظم قادة الاتجاه التكعيبي .‏
فالمعروف أن جيل الحداثة التشكيلية السورية أو جيل الحداثة في الأربعينيات ومطلع الخمسينيات، كان يستمد مفاهيمه الجمالية والتقنية من إيقاعات الانطباعية الفرنسية ومابعدها، ولقد شاعت خلال أكثر من تسعة عقود الطروحات التشكيلية الفرنسية في لوحات ومنحوتات ومحفورات فنانينا، ولم تكن عودة أكثرية الفنانين السوريين في المراحل كافة إلى استلهام أشكال الزخارف والعناصر والإشارات التراثية إلا شكلاً من أشكال التبعية أيضاً للفنون الباريسية، ويكفي في هذا الصدد القول إن تحرير اللون والشكل في طروحات فنانينا، الذين تعاملوا مع التراث شكل امتداداً للتجارب التي بدأها رواد الحركة الفنية العالمية الذين استلهموا التراث الشرقي والزخرفي والحروفي أمثال «ماتيس» و«موندريان» و«بول كلي» وسواهم.‏
ويمكن للأوروبي أن يعجب بالفنون الزخرفية والخطية والصدفية والفسيفسائية والزجاج المعشق وسواها ، من المهن المحافظة على روحها وأصالتها المتوارثة منذ قرون ، والتي تغذي طروحات الحداثة وتمنحها حيوية مستمرة ومتجددة ، كما يدهش الأجنبي بالفنون الشعبية الأصيلة ( أما حين يقف أمام لوحة تشكيلية عربية حديثة مفتوحة على تقنيات وأجواء فنون الغرب ) فإنه يقول: ( هذه بضاعتنا ردت إلينا ) فالعالم ليس بحاجة إلى إعادة اكتشاف الأشياء المكتشفة ، ولهذا فنحن نعيد طرح السؤال الدائم : ما جدوى استعادة ما هو مطروح ومستهلك وبائد في فنون الغرب .
فمن الممكن والملح إضفاء لمسة إبداعية على النتاج الحرفي ، لإظهار حيوية وعراقة حرفنا التقليدية القديمة ،التي أثرت فعليا على الفنون اليدوية العالمية، وعلى الفنون التجريدية الحديثة بشكل خاص ، وسط العبث التشكيلي المطروح بكثرة في معارضنا، والذي هو يدور أيضا في فلك الفنون الوافدة دون القدرة على تجديده وتحديثه، إلا في حالات استثنائية ونادرة .
فأسواق المهن اليدوية الدمشقية تميزت بشيوع الكثير من القطع الفنية السياحية، التي استفادت من معطيات الفنون الزخرفية الشرقية ،ومن ضمنها صناعة القطع الفنية المزخرفة والمصدفة ، التي تأخذ في النهاية، تركيباً متكاملاً غاية في الإتقان، تدخل فيه الموهبة والمهارة والخبرة . ولهذا يعطي الحرفي – الفنان أشكالاً زخرفية جديدة ووحدات مختلفة عن الوحدات التقليدية لصناعة الأشكال المصدفة ، وتبدأ معه مرحلة انتاج أعمال منفصلة، تتعامل مع زخارف منمنمة مشغولة بقطع الصدف الصغيرة، وتظهر في بعض مقاطعها وكأنها لوحات فنية . فالقيمة الفنية في القطعة المصدفة، تأتي من خلال حيوية وتناسق ألوان الأصداف البحرية الغنية في تموجات الوانها القزحية، والتي تدخل في تشكيل القطعة، وفي ابراز جمالياتها وإيقاعاتها المتنوعة الدرجات .
وتعرض في صالات التحف الشرقية في دمشق ( بالأخص في باب شرقي ) العديد من القطع المزخرفة بالصدف البحري ( كونسولات ، جاردينية ، بيرو ، طاولات ، مرايا ، علب مجوهرات ..) ومن المعروف أن هذه المهنة حافظت على أصولها المتوارثة منذ قرون . وتتميز أعمال هذه المهنة ببريق ألوان الأصداف البحرية الداخلة في تركيب وحداتها الزخرفية النباتية والهندسية (مثلثات ، مربعات ، دوائر ..) وتتميز الأصداف البحرية بلمعانها وندرة ألوانها ( البنفسجي ، الزهري ، الأصفر ، الأبيض، الأسود ..) وهي أجود أنواع الصدف التي تستخدم في هذه الصناعة اليدوية التقليدية العريقة ، أما الصدف النهري فيأتي بالمرتبة الثانية، لأنه غالباً ما يكون صغير الحجم، لا يساعد على العمل ، كما أن ألوانه لا تتمتع بمواصفات ألوان الصدف البحري .
وعلى هذا فإن صناعة الصدفيات أو التحف الشرقية بشكل عام ليست فولكلوراً سياحيا فحسب ، وإنما هو أيضاً ميدان فني تتاح فيه للمواهب بالبروز والظهور . وعندما نتحدث عن الجوانب الفنية، في هذه الصناعة المهنية يكون في حسابنا أن الذي تخرجه الورش الموجودة في ضواحي العاصمة للاستهلاك اليومي، هو ليس إبداعاً يضاف إلى هذه المهنة ، لأنها غالباً ماتكلس الرؤية الفنية.

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان