الملحق الثقافي – غسان شمة:
من المعلوم لدى الأدباء والكتاب والشعراء أن الشعر، بالنسبة لنا نحن العرب، هو الديوان الذي حمل ثقافتنا التاريخية وفكرنا وموروثنا الذي ظل موضع تقدير في كل العصور.. وفي الذاكرة التاريخية نعلم أن القبائل العربية كانت تحتفل عندما تكتشف من بين أبنائها شاعراً جديداً يقول متمكناً من هذا الفن الجميل.
والشعر أداة تواصل فرضت نفسها قديماً بما تحمل من ثقافة أو معرفة أو حكمة أرادها الشاعر أن تطير وتذيع بين الناس. وبهذا المعنى كنا أمام موروث غني بالنسبة لنا نحن العرب من حيث غنى دواوين الشعراء بقصائد وصلت إلى الذرى الفنية مع المعلقات العشر، في تقدير نقاد تلك العصور، ولا يعني ذلك أنه لم تشهد التالية نوابغ شعرية قدمت ما قد يكون أرفع مكانة على مستوى اللغة والفكر والتجديد في المعاني والصور، واجتراح آفاق جديدة في عالم الشعر الذي تربت ذائقة أجيال متتالية على ما أبدعه في عوالم الخيال والصور المجنحة.
وإذا كانت اليونسكو، التي اختارت يوم الحادي والعشرين من آذار يوماً عالمياً للشعر، قد قدمت لذلك بالقول «كما أثبت الشعر الذي يعد حجر الأساس في الحفاظ على الهوية والتقاليد الثقافية الشفهية، على مر العصور، قدرته الفائقة على التواصل الأكثر عمقاً للثقافات المتنوعة» .. فإننا نعلم أن الشعر العربي قد كون عبر مراحله المختلفة هوية ثقافية ذات مدلولات عامة وخاصة، وأنه شكل على الدوام حالة من التواصل والتفاعل الخلاق مع الثقافات الأخرى، حيث شهدت العصور الحديثة انفتاحاً متصاعداً للذائقة الشعرية العربية من خلال احتكاكها مع الآخر الشعري، ونهلت تجارب متنوعة سرعان ما طورها الشعراء العرب على مستوى اللغة والرؤية والصورة الجديدة في علاقات مبتكرة بين الألفاظ التي باتت تأخذ منحى مختلفاً في دلالة شعرية جديدة ومتجددة.
نحن العرب يشكل الشعر بالنسبة لنا هوية وذاكرة وذائقة، فسرعان ما نذهب إليه في كثير من المواقف والاستشهادات في حياتنا.
العدد 1087 التاريخ: 15/3/2022