الثورة – آنا عزيز الخضر:
الحرب المريرة التي عاشها السوريون، دفعت الكثير من الشباب إلى الهجرة خوفاً وظناً منهم بأنهم سيجدون مستقبلاً آمناً.. لكن، هل يمكنهم أن يجدوا البديل الذي يوزاي الوطن الأم؟
هذا ماعمل عليه العرض المسرحي الراقص “رسائل الياسمين” الذي قدّم على صالة مسرح الحمراء بدمشق، وهو من تاليف “علي رمضان سلامة” ومن إخراج “محمد الحلبي” و “علي رمضان سلامة”، وقد أدّاه “فرقة خطى للمسرح الراقص”..
اعتمد العرض على الحركة الراقصة، لإيصال رسالته التي وصلت بأسلوب فني، واستطاع ان يمتلك خصوصية بمفرادته الإبداعية، والإشارة والحركة بمرافقة الموسيقى والغناء، وبحضور شاشة خلفية سارت جنباً إلى جنب بتوظيفٍ دقيق ومناسب، مع عالم العرض وأحداثه، ثم تتالي تفاصيله بوجود حبكة درامية تصاعدت بجمالية خاصة مؤثرة، أكدت على روح الانتماء وحب الوطن، مهما عظمت المغريات، ومهما كبرت المأساة فيه.
أكد العرض على التمسك بالانتماء، وبأرض الوطن وأناسه، وكان ذلك بأسلوب فنيّ آخّاذ، أوصل رسالته المأمولة وطرحه الجاد..
حول العرض وأسلوبه وأجوائه، تحدث الكاتب “علي رمضان سلامة” قائلاً:
“يبدأ العرض من عند الحضور، بقصد التماهي مع الهموم العامة.. هناك فتاة تترقب وجوه الحاضرين لحضور عرض،
وقبل البداية بثوان تتجه للخشبة، محاولة الخروج من الكواليس.. تحلّ المشكلة بالانصياع لرغبتها، فترحل ويبدأ العرض..
تظهر الفتاة على الشاشة المرفقة، وتبدأ بكتابة رسالتها الأولى التي نعلم من خلالها، أنها كانت تنتظر حبيبها المسافر، وأنها حاولت إيقاف العرض لأنه لم يكن برفقتها..
عندما تنهي رسالتها، تعبّر رقصاً عن فحوى الرسالة، أما الشاب فيخبرنا عن السبب الذي جعله يسافر ، وتتكاثر الرسائل، إذ تدافع تلك الفتاة عن بقائها في الوطن، بينما يحاول الشاب استدراجها للسفر، والهروب من كل الأزمات..
كان الشاب يطرح همّ المواطن، والفتاة تطرح همّ الوطن.. ثنائية عمل العرض على بلورتها، وفق بنية درامية وضّحت بموضوعية كلتا الحالتين، كي يستفيق الشاب على الحقيقة، ويعود للدفاع عن أرضه، ثم يعودا ويجلسان على المقاعد التي بقيت فارغة طوال العرض.. لقد استطاعت الفتاة إعادة الشاب إلى مقعده، حيث مكانه الحقيقي، محافظاً على كرامته ومكانة وطنه، وهذا ما عمل عليه العرض، ومانسعى لتكريسه لأن على الفن، أن يكون صورة الحقيقة الجميلة، وأن يجعلها ماثلة دوماً امام الأعين، فتكون مقدسة في نظر المجتمع، وقد صورنا حقيقة، نتمسك بها أبداً، وهي انتماؤنا ..
السابق