الثورة – آنا عزيز الخضر:
يحلق الإبداع، عندما يخاطب المتلقي بآلياتٍ تتفاعل مع عوالمه الزاخرة بكلّ شيء، وينجذب إلى تفاصيله، عندما يحاكي همومه، ليجد نفسه بين أجواء العرض متماهياً، مأخوذاً، ناشداً الحلول التي تبعده نسبياً عن تلك الهموم، بآليات منطقية تحاكي الفكر وتتحفه بالرؤيا الناضجة، التي تحترم عقله بطرحها وأسلوبها ..
هذا ماعملت عليه “فرقة مسرح الدن للثقافة والفن العمانية”، التي قدمت عرضها المسرحي «لقمة عيش» على صالة مسرح الحمراء بدمشقّ.. تأليف “جمال صقر”.. إخراج “محمد سعيد الرواحي”…
سلّط العرض الضوء على واقع تعيشه غالبية المجتمعات العربية.. الواقع الذي تجسّد في سعي الإنسان العربي اليومي، وراء لقمة العيش، وبالكاد يحصل عليها.. يسعى ويسعى، يستهلكه ويرهقه هذا السعي، دون الوصول إلى الهدف المرجو..
يطرح العرض أيضاً، سلسلة من القضايا الاجتماعية التي تتعلق بالزواج والخيارات التي تحكم الطرفين، وهو الزواج المحكوم سلفاً بآليات تفكير بيئة، تحمل عبء التمسك بعادات وتقاليد وأفكار متحجرة، كما ناقش قضايا مادية، كالرواتب وغلاء الأسعار والفقر وغيرها..
إضافة إلى هذا، ذكّر العرض بوسائل التواصل الاجتماعي وحضورها الطاغي في حياة إنسان هذا العصر، وبشكل مبالغ فيه.. كل ذلك أتى بأسلوب فني، حمل بين تفاصيله السلاسة والرشاقة وخفة الدم، وسواء في الحوار أو المعالجة، أو حتى آليات بلورة الأفكار..
قدّم العرض نقداً لكثيرٍ من الأفكار، وذلك ضمن قالب كوميدي رشيق، وبطريقة جميلة وجديدة ..
العرض نظمته مديرية المسارح والموسيقى، ووزارة الثقافة، بالتعاون مع وزارة السياحة، ليشكل فرصة للتمازج والتبادل الثقافي، والانفتاح على الثقافات والمعرفة، وخصوصاً أن فرقة «الدن» فرقة مسرحية حققت النجاح على مستويات عدة، كما أكدت مسيرتها الفنية، ففي سجلها الأعمال الفنية المتميزة واللافتة، التي نالت عليها عدة جوائز على الصعيد العربي، وفي مهرجانات مسرحية عديدة وهامة.

التالي