العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، كشفت حتى الآن الكثير عن الحقائق حول ماهية الاستراتيجية العدائية التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه دول العالم قاطبة، بمن فيها الدول الأوروبية التي تعتبرها حليفة وصديقة، وبعد انتهاء العملية الروسية لا شك ستظهر المزيد من الحقائق القبيحة الأخرى، على حد وصف مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، وربما تكون الأنشطة البيولوجية التي تجريها الاستخبارات الأميركية في المختبرات الأوكرانية أقلها قبحاً.
دميتري روغوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية أكد بأن التجارب البيولوجية التي يجريها البنتاغون في المختبرات الأوكرانية غرضها تطوير “سلاح عرقي ضد سكان روسيا”، لاستهداف شعب بأكمله من دون حروب، وهذا بحد ذاته يشير إلى مدى قابلية العقلية الأميركية لارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق شعب يرفض سياسة الهيمنة والتسلط ، ومن يفكر بهذه العقلية الإجرامية، لن يتورع عن إجراء تجارب أكثر قذارة لإبادة الإنسانية جمعاء لأجل تحقيق مصالحه ومشاريعه الاستعمارية في أي مكان في العالم.
أصحاب عقلية الهيمنة الأميركية، لا يفكرون أبداً بمستقبل الشعوب الأخرى، وبأمنها واستقرارها، كل شعوب الأرض بالنسبة لهم حقول تجارب لكيفية استلاب وعيهم وحرياتهم وإرادتهم، ليكونوا طوع الأمر الأميركي، إذ تسعى الولايات المتحدة بكل جبروتها وفائض قوتها المفرطة، للسيطرة على العالم أجمع، بحكوماته وشعوبه، هي نجحت منذ وقت طويل في مصادرة سيادة وقرار الدول المنضوية تحت رايتها الاستعمارية، والدول الأوروبية على رأس القائمة، ولكنها ما زالت عاجزة عن إخضاع مشيئة الدول والشعوب الحرة المناهضة لسياساتها التدميرية، (سورية وروسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوبا، وغيرها الكثير)، وربما العجز الأميركي والغربي الواضح عن خوض المواجهة المباشرة مع روسيا اليوم، سيكشف لمتزعمي إدارة الإرهاب الأميركية، ولزعماء الغرب التابعين، حقيقة ضعفهم أمام المتغيرات المتسارعة في موازين القوى العالمية.
النظام الأميركي، وبغض النظر عمن يديره، ليس بوارده على الإطلاق تغيير سلوكه العدواني، أو التعاطي مع الأحداث الدولية الساخنة بمنطق مختلف، إذ لا يمكننا أن نتخيل إمكانية جنوح هذا النظام نحو الالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية على سبيل المثال، أو توقفه عن دعم الإرهاب، أو تخليه عن منهج العقوبات الجائرة، أو حتى جنوحه باتجاه إحلال الأمن والاستقرار الدوليين، فهذا النظام يقتات في الأصل على حساب حياة الشعوب وأمنها، والسبيل الوحيد للتخلص من السياسات العدائية لهذا النظام، هو التكاتف الدولي لإيجاد آليات رادعة تضع حداً لهذا التسلط الأميركي على قرارات الدول ومقدراتها، والوقوف إلى جانب روسيا بوجه الغطرسة الأميركية والغربية اليوم، هي فرصة ثمينة لا يجب تفويتها، من أجل ترسيخ دعائم النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب.
نبض الحدث – ناصر منذر