الغرب لم يتوقف عن إرسال المزيد من الأسلحة الفتاكة والمتطورة إلى أوكرانيا، وهو يسرع من وتيرة تجنيد المرتزقة الأجانب، ويؤمن وصولهم إلى كييف للقتال إلى جانب القوميين النازيين، وهو بذلك يخوض حرباً بالوكالة ضد روسيا، كما يفعل في سورية، والهدف من وراء ذلك معلن وصريح، إطالة أمد الحرب لمحاولة إضعاف روسيا، واستنزاف قدراتها، وتحصيل تنازلات كبيرة من الجانب الروسي في الكثير من القضايا والملفات الدولية، بما يخدم سياسة الهيمنة الغربية، وتثبيت قوانين شريعة الغاب التي ينتهجها المعسكر الغربي على مسار العلاقات الدولية.
منذ أيام قليلة أعلن حلف الناتو، على لسان أمينه العام ينس ستولتنبرغ، أنه بصدد تغيير استراتيجيته الأمنية والعسكرية في أوروبا رداً على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وأكد على مواصلة تقديم الدعم العسكري لسلطات كييف، وفي الوقت ذاته أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن زيادة الدعم والمساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لتصل إلى مليار دولار، وهذا يعتبر تصعيداً عسكرياً من شأنه أن يقود إلى حالة تصادم عسكري مباشر مع روسيا، وموسكو حذرت واشنطن و”الناتو” من مغبة الاستمرار بالتصعيد، ما يعني أن أي حماقة عسكرية قد تقدم عليها الولايات المتحدة وذراعها العسكرية “الناتو”، ستكون لها تداعيات خطيرة، لن يكون الغرب بمنأى عنها.
نظراً للخطوات الغربية المتسارعة لجهة إرسال المزيد من المرتزقة الأجانب إلى أوكرانيا، ومدها بكميات إضافية من السلاح، يمكن التكهن بأن استراتيجية “الناتو” الجديدة، قد تقضي بإرسال قوات عسكرية نظامية من عدة دول تابعة له تحت ستار المرتزقة الأجانب، تهرباً من الإعلان الصريح عن المواجهة المباشرة مع روسيا، وبذلك تكون الولايات المتحدة، باعتبارها تقود “الناتو” قد وضعت الأمن الأوروبي برمته على المحك، مقابل حماية أمنها بأي تصادم محتمل مع روسيا، وبالتالي فإن عملية استنزاف قدرات روسيا وأوروبا، وإنهاكهما كلتيهما هو مصلحة أميركية.
الدول الأوروبية وحدها من سيدفع ثمن السياسة الأميركية المدمرة للعلاقات الدولية، وبحال أرادت هذه الدول الحفاظ على أمنها واستقرارها، يتوجب عليها وضع مصلحة شعوبها، فوق المصلحة الأميركية، والتوقف عن الانجرار خلف سياسات واشنطن، والأزمة الأوكرانية هي فرصة ثمينة يجب أن تغتنمها ليكون لها موقفها السيادي الموحد، بعيداً عن القرار الأميركي.
البقعة الساخنة- ناصر منذر