بمزاجٍ عالٍ تلتقط خيطاً يربط بين مختلف الأفكار التي تتلقاها عبر مختلف الأشياء.
تحديداً في هذه اللحظة تبدو تقاطعات الأفكار حاضرة كما لو أنها لعبة مرايا.
هل في كلمات ميلان كونديرا عن شخوص رواياته بأنها ليست سوى (جوانب لم يدركها بعد من ذاته)، شيءٌ من التقاطع مع اعتراف بطل فيلم (قودي سيارتي)، المأخوذ عن قصة للروائي هاروكي موراكامي، حين يقول عن أعمال تشيخوف: (عندما تتلو السطور فإنه يسرق ذاتك الحقيقية)..
أي سحر ذاك الذي يجعل شخصيات تخلقها، تقرؤها، وربما تقابلها في الحياة الواقعية، تستحوذ على لحظات تفكيرك..؟
ما يخطر لها أن كل ما نلتقيه في حياتنا ليس سوى اجتهادات للالتقاء مع أجزاء من ذواتنا.
لا تتذكر الآن من القائل إن الحب ليس سوى محاولات لترميم النقص داخلنا.. البحث عن ذلك الجزء الناقص ومحاولة تعبئته بحضور الآخر.
ويبدو أن الأدب يقف بذات الاتجاه.. يرمم ذواتنا ويشعرنا، ولو لوهلة، بالاكتمال.
يتخيّل لها أنه حتى مارسيل بروست في بحثه عن الزمن الضائع كان يجب عليه أن يلتحق بقافلة الباحثين عن الجزء الضائع.. جزء الأنا المفقود الذي لا نهدأ ولا نكف عن محاولة البحث عنه إلا بلقاء الآخر..
فما معنى البحث عن معنى للزمن أو أي شيء آخر.. إن كانت الذات مُفرغة من أي معنى.. متأرجحة في إتمام نقصها.. في كل ما تلتقيه، وفي أي شيء تلتقيه..؟
متى يمكن لتلك الشخصيات الواقعية التي نقابلها أو تلك التي نلتقيها على صفحات الأدب أن تكون مصدراً يهدّد الذات الحقيقية كما خشي بطل “قودي سيارتي”..؟
هل يعني ذلك شيئاً من هشاشة داخلية أم قوة الشخصية واقعية كانت أم خيالية..؟
فعلياً.. تلك التقاطعات في سيل الأفكار.. تنمو داخلنا مقدار ما تحقق نوعاً من التقاطع مع “الذات”.. بمعنى أنها تتشابه ووظيفة المرآة.
فنحن نتشعب كينونات متنوعة، وربما مختلفة، مقدار ما نلتقي من أفراد وشخصيات غنيّة بتنوّعها، وبالتالي بتفرّدها.. نلتقط ذاك الجزء الذي يشبه جزءاً حميمياً داخلنا.. ويتم تكبيره بعدد المرات التي ينعكس فيها أناساً نلتقيهم.
رؤية- لميس علي