بداية لابد من الإشارة إلى أن العنوان مستل من كتاب المفكر الراحل عادل العوا، الذي حمل العنوان نفسه، وقد جعلته منطلقاً للحديث عن الأدب الساخر الذي يشكل علامة فارقة في الأدبين العربي والعالمي.
فما أكثر ما صنفه العرب في هذا المجال، واذا ما أردنا الحديث عن الأعلام في هذا المجال، فأمامنا قائمة طويلة من الحطيئة، إلى الجاحظ، إلى ابن الرومي، إلى فارس الشدياق، وفي سوريا زكريا تامر، وحسيب كيالي، وآخرون..في هذا الجو العالمي الملبد بالألم والحزن ما أمس حاجتنا إلى ابتسامة، إلى طرفة، فقد صدأت الأرواح وتعبت القلوب..الأدب الساخر لا يكتفي بإضحاكنا، بل يوقظ وعينا، ويكشف لنا زيف الأقنعة، ويعري التناقضات التي تحكم حياتنا، إنه أدب لا يهادن، لكنه لا يصرخ، بل يبتسم في وجه العبث، ويحوّل الألم إلى طُرفة، والخذلان إلى نكتة، والواقع إلى مفارقة.
في عالم ملبدٍ بالحروب، والخيبات، والانكسارات، تصبح السخرية وسيلة للنجاة، لا للهروب، نحتاج أن نزرع الأمل والفرح وأن نفرّج عن النفوس، ويبدو أن الأدب الساخر اليوم أكثر ضرورةً من أي وقت مضى، فهل نعود إلى هذا اللون من الأدب؟ هل نمنحه المساحة التي يستحقها في إعلامنا وثقافتنا؟ إنها دعوة مفتوحة للكتّاب، وللقرّاء، وللأرواح التي ما زالت تؤمن أن الكلمة قادرة على التهكم من الألم، لا لتغطيته، بل لتجاوزه، فالعودة إلى الأدب الساخر ليست مجرد حنين، بل حاجة إنسانية ملحة.