الثورة – آنا عزيز الخضر:
أجمل ما في الفن، قدرته على توسيع آفاقه التي تكشف عوالم مخبوءة، في زوايا وإن باتت مألوفة، إلا أنها في منتهى الغرابة، وﻻ تمتّ للشكلِ الإنساني المفترض بصلة، فيقاربها الفن بشكلٍ إبداعي مقنع، يصل فيه إلى أبعادٍ، على الفن الحقيقي الوصول إليها بمفرداته الخاصة، وذلك للكشف عن حاﻻتٍ وحاﻻت، موجودة لكنه يعرّيها بتفاصيلها كما بدﻻئها، وبإبداع مسؤول..
هذه الملامح تمت الإضاءة عليها عبر فيلم “خارج المشهد”.. تأليف وإخراج “محمد فايز المحاميد”..
يتحدث الفيلم عن آليات تفكير، بعيدة كل البعد عن المنطق، بسطحيتها وعدم تعمقها، والتعامل مع القشور فقط، دون التعمق في الأبعاد، أو البحث في خلفيات الأشياء وعلاقاتها وتفاعلاتها، وكل ما يؤثر بها، ما يجعل آليات التفكير، ورغم التقدم الحضاري، تبدو وكأنها بداية الإنسان الأولى على وجه الأرض، لكثرة ما يلاقي من صعوبات ومعوقات حياتية متنوعة..
حول الفيلم وأسلوبه وتفاصيله. تحدث الفنان “محمد فايز المحاميد” قائلاً:
الفيلم يحتمل الكثير من الدلالات والرموز، ويطرح عدة تساؤلات، ويشير للتفكيرِ البدائي في القرن الواحد والعشرين، في ظلّ عصر التكنولوجيا والحضارة، وبأننا مهما بلغنا من الحضارة والتطور التكنولوجي، نبقى نعاني من معوقات مفتعلة، تجعلنا نعود للبدائية في كل شيء، وتبقينا خارج المشهد.
فعقلية الرجل البدائي التي سماها عالم الاجتماع الفرنسي “ليفي برول” بعقلية ما قبل المنطق. تمتاز بنفورها الشديد من العمليات العقلية الاستدلالية. والرجل البدائي لا يصدق في الغالب إلا ما يراه ويلمسه، وأفكاره لا تتجاوز حواسه. إن هذا النمط من التفكير البدائي، نجده واضحاً ومتجسداً في أُناسٍ يعيشون في القرن الواحد والعشرين، والغريب في الأمر أنهم موجودون بيننا، ولم يتغيروا رغم المؤثرات الخارجية مثل (الأسرة، المجتمع، المدرسة، الإعلام).