الملحق الثقافي – غسان شمة:
إذا كان الإنسان هو الجرم الأصغر الذي انضوى فيه العالم الأكبر، فمما لا شك فيه أن بنيته النفسية والعقلية تنطوي على شيء كثير من التركيب والتفاعل وحتى الغموض والمشكلات ما يجعله مادة شديدة الثراء للعلوم الإنسانية التي سعت لفهم الكثير من الظواهر الفردية والجماعية من خلال دراسة النمط الإنساني في تجليات أفعاله ماضياً وحاضراً، وكذلك محاولة فهم ردود أفعاله تجاه قضايا شخصية أو عامة ومع غيره من الأفراد داخل مجتمعه..
ولا تتوقف مهام العلوم الإنسانية عند هذه الحدود بل تتجاوزها لتسلط الضوء على المستقبل ببعديه الفردي والجماعي باعتبار العلاقة بين الأفراد والمجتمع تشكل خطوة أساسية تجاه المستقبل الذي يرنو إليه الجميع، لذلك فإن هذه العلوم ترسم الخريطة، بتفاصيلها الكثيرة والمتنوعة، لتحديد ملامح هذا المستقبل والمضي نحوه عبر علاقات سليمة وصحية على مستوى علاقة الفرد بذاته، من خلال حل مشكلاته، وعلى مستوى علاقة الفرد بمجتمعه من خلال رسم المفردات العامة التي تنظم علاقات الأفراد الذين تجمعهم ثقافة ورؤى ذات ملامح عامة ضمن المجتمع..
ولعل الدور الكبير الذي تقوم به العلوم الإنسانية، من خلال إثراء فكر الفرد وتوسيع مداركه، والإسهام في حل المشكلات للفرد وفي تملكه لآراء نقدية تساعد في فهمه للعالم وتكوين رؤية تجاه هذا العالم، وتالياً محاولة توضيح ملامح صورة المستقبل الذي يطمح إليه الفرد داخل المجتمع وبالاتساق مع رؤية عامة وجامعة ذلك أن تلك العلوم تشكل»مصراً للذاكرة الوطنية والتفاهم الثقافي والمثل التي يتشاركها الأفراد».. ليبقى الإنسان الجرم الأصغر الذي انضوى فيه العالم الأكبر..
العدد 1089 التاريخ: 29/3/2022