في الوقت الذي يجتهد فيه صناع الدراما والبرامج التلفزيونية لإيجاد موسم رمضاني يليق بالشهر الكريم، وكعادتهم في كلّ عام ربما يتخمون المحطات جميعها بالمسلسلات على اختلاف ألوانها، والبرامج على تنوع محتواها، نجد في الجانب الآخر توقفا شبه مطلق لأنشطة المراكز الثقافية، وكأنها في استراحة محارب، وكأن هذا الشهر هو قيلولة ولكنها تمتد على مدى شهر كامل.
لا أدري هل هي استراتيجية هذه المنابر في هذا الشهر المبارك، أم أن جعبة النشطاء من المثقفين تفرغ من محتواها في هذا الشهر، علماً أن الكثير من العناوين والأنشطة الغنية يمكن أن تستثمر في هذا الشهر، فلدينا في المخزون الثقافي والشعبي والاجتماعي ما يستحق أن يقدّم كوجبات دسمة في هذا الشهر، ويمكن أن نورد بعضها على سبيل المثال لا الحصر” محاضرات عن الصوفية وأعلامها وعن روائع الفن الإسلامي، أمسيات ثقافية بالتعاون مع سفارات الدول الإسلامية، العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، وورش عمل للأطفال في كيفية صنع زينة رمضان ..” وغير ذلك.
ولا يختلف اثنان أن شهر رمضان يضفي على البلاد سحراً خاصاً وروحانية تنعكس على الكثير من طقوس هذا الشهر الكريم، وحبذا لو ترافقت هذه الروحانية بأنشطة تتواءم مع خصوصية هذا الشهر، لتتكامل الصورة فتشمل شرائح المجتمع كافة، لتكريس القيم والعادات والموروثات المرتبطة بهذا الشهر، والتي بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً في زحمة تحديّات العصر وماديته المفرطة.
إن استقطاب فئة الشباب والأطفال إلى أنشطة كهذه يتعرفون خلالها على حضارتهم وموروثهم الثقافي، لا شك أنه يعزز لديهم الانتماء ويدفع بهم إلى تمثل قيم الأجداد والسير على نهجهم، ليكونوا الأكثر قدرة على متابعة سيرتهم والذود عن وطنهم، عملاً بالمثل القائل” هيىء التربة، سترى الثمرة”.
كلّ عام والجميع بألف خير، كلّ عام وإبداع رمضاني يتجدد.
رؤية -فاتن أحمد دعبول