لم تتوقف الأسعار عن ارتفاعاتها الجنونية خلال شهر الخير والذي من المفترض أن يُلقي في قلوب تجارنا القليل من الرحمة على الأقل لمدة شهر يستطيع من خلاله المستهلك تأمين متطلباته بأسعار تناسب دخله الذي بات بأدنى حدوده في ظل التضخم الكبير وتدني القوة الشرائية.
فرغم المبادرات التي نسمع عنها والتي رأينا بعضها سواء من المؤسسات الحكومية ممثلة بالسورية للتجارة من خلال طرح سلتين غذائيتين بسعرين مختلفين حسب المواد المطروحة أو من خلال المعارض التي سُميت بالخيرية- إلا أنها بقيت خطوة ناقصة- لكونها تُجبر المواطن على شراء المواد التي يريد بيعها التاجر بأسعار لا تقل عن السوق إلا ببضع الليرات وفي أغلب الأحيان بالسعر نفسه.
وكان من المفترض أن تكون تلك المبادرات جرعة دعم قوية للمواطن تتيح له تأمين القسم الأكبر من متطلبات الشهر الكريم بأسعار مقبولة.
يبدو أن تاجرنا يرى في هذا الشهر فرصة لمزيد من المليارات تُضاف إليه مع استغلاله أي مناسبة وأي أزمة اقتصادية داخلية أو خارجية، فبدلاً من تخفيض الأسعار بنسب عادلة يلتف إلى طريقة أخرى يوهم بها المواطن بوجود عروض وتخفيضات حقيقية يطرحها في المعارض الخيرية على حد تعبيره، لكن واقع الحال يقول عكس ذلك.
ففي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن خططاً إسعافية وبرامج للنهوض بالواقع المعيشي المتردي، لا يسمع سوى التصريحات البعيدة عن أي مقاربة للواقع السائد، حتى بات يرى مسبقاً مع كل تصريح صورة سلبية حتى وإن كان يحمل جانباً إيجابياً لفقدانه الثقة.
المطلوب دور أكبر للسورية للتجارة لتكون الحاضر الأقوى في السوق وهذا من أبسط مهامها التي يجب أن تقوم بها كتاجر شريف بعيداً عن حلقات الوساطة التي تسهم بزيادة الأسعار تحت مبررات كثيرة، ولتطبق بالفعل شعارها من المزارع أو المنتج إلى المستهلك مباشرة، فحال أسواقنا لم تعد تُحتمل.
الكنز -ميساء العلي