فؤاد الوادي:
لطالما شكلت التسويات والمصالحات الوطنية التي عمت مختلف المناطق التي اجتاحها الإرهاب، صفعة قاسية لكل أطراف الحرب والعدوان، كونها أجهضت وأصابت مخططاتهم في مقتل، ونقلت زمام المبادرة ومفتاح النصر إلى الجيش العربي السوري والدولة السورية بشكل عام بأقل الخسائر الممكنة.
غير أن الجانب الأكثر أهمية وإضاءة في عملية التسويات والمصالحات، هو خلقها لأجواء من الطمأنينة والراحة والأمان في الأماكن التي طبقتها وانتهجتها، وهو الأمر الذي ساهم إلى حد كبير بإزالة معظم آثار وتداعيات الحرب، لا سيما المعنوية والنفسية والاجتماعية، بغض النظر عن حجمها وشدتها، وهذا ما أعطى المواطنين جرعات كبيرة من التفاؤل والأمل والثقة بالمستقبل، وبالتالي خلق أرضية ومنصة صلبة للبدء مجدداً والانطلاق نحو ميادين البناء والعمل وترميم وبناء ما دمره الإرهاب.
ضمن هذا السياق أيضاً، لعبت المصالحات دوراً أبعد من ذلك، لجهة إسهامها الكبير في تعزيز اللحمة الوطنية بين المواطنين فيما بينهم من جهة، وبين المواطنين الذين شملتهم التسوية من جهة والدولة السورية من جهة أخرى، بعد أن أدت التسويات إلى عودة كل من ضل الطريق إلى حضن الوطن، وبات الجميع تحت سقف الوطن ومؤسسات الدولة، وضمن دائرة الهوية والانتماء والدفاع المشترك عن كل ما يمس أمن البلد، أي أن الجميع أصبح في خندق الدفاع عن الوطن ومواجهة كل التحديات وكل الأعداء.
عمليات التسوية والمصالحات لا تزال تسير بشكل مطرد في العديد من المناطق التي دنسها الإرهاب، وهذا ما يؤكد نجاعة هذا الخيار والقرار الذي اتخذته لدولة السورية التي تمضي بهذا الاتجاه كامتداد وجزء لاستراتيجيتها في حقن دماء السوريين، وإعطاء الفرصة لكل الذين ضلوا الطريق من أجل العودة إلى حضن الوطن والمساهمة مجدداً في إعادة البناء وإعمار ما دمره الإرهاب.
المصالحات والتسويات هي وجه آخر لانتصارات الدولة السورية، وهي إحدى ثمار تضحيات وبطولات الجيش العربي السوري، ولطالما شكلت صفعة لكل أطراف الإرهاب، لاسيما الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الذين كانوا يراهنون على إطالة عمر الحرب وبقاء الفوضى واستمرار النزيف إلى ما لانهاية، لذلك كانوا يحاربونها بشتى الطرق والوسائل ويعملون جاهدين عبر مرتزقتهم وعملائهم على إجهاضها، سواء من خلال العمليات الإرهابية أومن خلال الاغتيالات التفجيرات الممنهجة.