أصبحت هجرة الأطباء واضحة للعيان وباتت تأخذ حيزاً لا بأس به من نقاشات الحكومة والنقابات المعنية.
الهجرة الكبيرة للأطباء خلقت نقصا كبيرا في الكوادر الطبية وانعدام وجود اختصاصات معينة كأطباء جراحة الأوعية الدموية وأطباء التخدير الذي بات يعاني من استنزافٍ سريع غير قابل للتعويض خلال حيز زمني محدد. فلسد النقص في مجال أطباء التخدير يجب إعداد أكثر من ألف طبيب على وجه السرعة، وهذا لن يتحقق في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي تدفع الأطباء وغيرهم إلى الهجرة.
هنالك عدد قليل من الأطباء لا زال قادراً على الاستمرار في ظل الغلاء المعيشي وتدني الأجور، إضافة إلى معاناة الأطباء في عياداتهم من عدم توافر الكهرباء والمحروقات والضرائب السنوية الكبيرة.
لقد أفرخت أزمة نقص الكوادر الطبية عدداً من الأزمات وعلى رأسها وقوع العبء الأكبر من العمل في المشافي على عاتق الأطباء المقيمين، حيث يقوم كلّ طبيب مقيم إضافة إلى عمله بعمل ثلاثة أطباء، إضافة إلى أن هناك مشافٍ في بعض المحافظات تعاني من نقص كبير في الكوادر الطبية .
إن المحاولات المحدودة التي قامت بها الجهات المعنية لاحتواء أزمة نقص الأطباء عبر سلسلة من القرارات – كتخصيص مكافأة شهرية بنحو مئتي ألف ليرة سورية لكل طبيب تخدير، ومئة ألف أخرى كتعويض مناوبات، إضافةً إلى دراسة تسعيرة جديدة للأطباء – لن تحل مشكلة الاستنزاف المرعب في القطاع الصحي، فالزيادة الشهرية التي أعطيت لأطباء التخدير هي حق لجميع الأطباء ولكافة الاختصاصات، أما موضوع زيادة تسعيرة جديدة للأطباء فهي تحلّ جزئياً مشكلة الأطباء، ولكن سوف يكون منعكسها سلبياً على المواطنين الذين لن يعود باستطاعتهم مراجعة الأطباء لضعف دخولهم، وبالتالي ينعكس إهمالاً على صحتهم .
هجرة الأطباء هي جزء من مشكلة الهجرة العامة والمستمرة دون توقف، التي تعاني منها البلاد نتيجة سوء الوضع الاقتصادي وتردي مستوى المعيشة، وحل المشكلة بشكل جزئي من قبل الجهات المعنية وسط تراجع في القطاع الصحي لن يجدي نفعاً، في ظل استمرار هذه الظروف.
عين المجتمع- ياسر حمزة