الثورة – رشا سلوم:
ثمة مقولة يجب أن تبقى حاضرة في كل زمان ومكان ألا وهي أن الخراب الذي يحل بالمجتمعات ليس كله بفعل الحروب إنما قسم كبير منه ناتج عن التضليل والوهن والدعاية التي تعمل بذكاء بخبث تجد من يعمل على زرعها ونشرها عبر وسائل كثيرة ومغرية.
بالتأكيد ستجد الطابور الخامس يعمل معها ويروج لها يبيع كل شيء… هذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي وأدى إلى تفككه وانهياره..
كتاب (بائعو الاشتراكية اقتصاد الظل في الاتحاد السوفييتي) يبحث في عوامل التفكك ويقدم دراسة مهمة جداً لكل المجتمعات التي تؤخذ بالدعاية الغربية ووسائل التضليل وقتل قدرات المجتمعات.
صدر الكتاب عن دار علاء الدين الاشتراكية السوفييتي، وهو من تأليف روجر كيران وتوماس كني، وترجمة: م. منتجب يونس.
(يرى مؤلفا الكتاب أن من حقهما
مطلق الحرية في تقصي واستيضاح كافة الحقائق وخصوصاً عند التعامل مع موضوع معقد وضخم كهذا، مع احتمال حصول شتى أشكال عدم التوافق بين ما هو حاصل على أرض الواقع من أحداث واقعية، وبين انعكاسات منهجية الدراسة والتحليل العلمي مع التعمق الزائد، وخصوصاً أن المؤلفين لم يكونا شاهدي عيان أو مشاركين بشكل مباشر في تلك الأحداث، مع ذلك فإن الأهمية القصوى لتلك المعضلة، دفعتهم بالنتيجة إلى الاستعانة بالباحث الأمريكي التقدمي المشهور هربرت ابتيكر، المختص بدراسة أوضاع الولايات المتحدة الأمريكية في زمن الحرب الباردة، لقد كانت دراسته وتحليلاته عبارة عن تجربة معمقة وجدية.
لقد اعتبر أنه من المهم جداً ومنذ اللحظة الأولى لعملنا، مساعدة القراء على تجنب تلك الأكاذيب والتفسيرات المبتذلة، التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية الهادفة إلى تضليل الرأي العام من خلال طمس الحقائق، وتزوير الوقائع المتعلقة بسقوط الاتحاد السوفييتي، وانهيار النظام الاشتراكي فيه وفي بقية الدول الشرقية.
يتناول الكتاب دراسة «اقتصاد الظل» في الاتحاد السوفييتي وتأثيره على نمو وتطور البلاد، وكيف ازداد دور هذا الاقتصاد في تدمير الاقتصاد الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي، وتجلى هذا الدور في عهد خروتشوف ثم في عهد بريجينيف لاحقاً. ويؤكد الكتاب أن لينين أكد، عندما انتصرت الثورة الاشتراكية، على ضرورة القضاء التام مرة واحدة وإلى الأبد على الميول والنشاطات الهادفة للحصول على ملكيات خاصة.
ونجح ستالين في الحد من تلك الميول، لكن في عهد خروتشوف ثم في عهد برجنيف لاحقاً، لوحظ نمو تلك الظاهرة إلى حد كبير.. ومع مرور الزمن ازدادت هذه الظاهرة اتساعاً.
أما في عهد غرباتشوف ويلتسين، وصلت تلك الطبقة إلى حد مكنها من السيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد السوفييتي المعني بالعملية الإنتاجية، واستلام السلطة بعد ذلك.
يشرح الكتاب الاستراتيجية التي استخدمها غورباتشوف، مستعرضاً الكثير من الحقائق عنه لحين وصوله إلى السلطة، ثم يستعرض سياساته والخطوات التي قام بها سواء الداخلية منها والخارجية، ونتائجها اللاحقة، وصولاً إلى الأزمة والانهيار بين عامي 1989-1991، ذاكراً العديد من الحقائق والمعلومات التفصيلية التي جرى تجاهلها وإخفاؤها في الإعلام.)
ويرى الباحثان أن الدعاية والتضليل التي رافقت كل ما كان يجري أيام غورباتشوف رسخا قناعة أن الأمور تجري نحو الصحيح.
لكن الواقع كان يقول: أما الذي حصل على أرض الواقع فلقد تمكن أعداء الاشتراكية التاريخيين من أنصار الرأسمالية من التسرب إلى داخل البناء الاشتراكي كالسوس ونخره من الداخل، ونجحوا في خططهم الرامية إلى تحديد أو عزل الفئات الفعالة والنشطة من أنصار الاشتراكية وخصوصاً أولئك الذين هم على استعداد للدفاع عنها وعن منجزاتها..
لقد نجحوا في وضع خصومهم في حالة من العجز والشلل منعتهم من القيام بأي عمل فعال ومؤثر.. وذلك كله بمساعدة خارجية تقنية وإعلامية وثقافية وغيرها.. فكان ما كان.
