الملحق الثقافي:مها محفوض محمد:
الوحش العنصري في أميركا لايخفى على أحد أبداً، حتى الحلفاء ذات يوم قالوا إنها اميركا المتوحشة، فرنسا القابعة في حضن التبعية عرت عام 2006م عنصرية أميركا في معرض للصور، إليكم ما كتبته لوموند عن أميركا، فهل تغير الحال..؟
مهرجان للصورة في بيربنيان ( فرنسا ) أهم الصور التي تصدرت عروض المهرجان هي عن العنف، كما أبرزت أشهر المصورين الصحفيين لتلك الحروب.
غرين: المصور الصحفي الأميركي يرسم من خلال ما يقدمه في المعرض صورة لأميركا, غرين البالغ من العمر سبعة وخمسين عاماً له باع طويل في تصوير الحروب وأكثر ما جاءت شهرته من الشيشان حيث ذهب إلى هناك أكثر من عشرين مرة.. كما يقدم في هذا المهرجان عرضاً خاصاً بالعراق وآخر حول اعصار كاترينا بالاشتراك مع مصورين آخرين وهما موضوعان يخصان أميركا التي غادرها منذ عشرين عاماً يقول غرين : لقد أتاح لي العمل اثناء إعصار كاترينا تسليط الضوء على عنصرية الولايات المتحدة، إن العنصرية في بلدنا كالوحش النائم يمكن ان يستيقظ في اي لحظة ولأدنى سبب، لقد عشناها في كاترينا وشاهدنا بأعيننا الظلم الذي لحق بالأميركيين الزنوج حيث بلغت وقاحة السلطات الأميركية أنه لم يكن هدفها إعادة الناس الى منازلهم بل إعادة بناء ولاية جديدة بيضاء، مربحة علماً أن هذه المدينة قامت على اكتاف العبيد, فبعد الإعصار بدأ المستثمرون يبحثون عن اصحاب المنازل المهدمة ليشتروها بأسعار زهيدة وبذلك تمت أكبر عملية سلب ونهب, لقد كانت المدينة تغص بالحواجز الأمنية وقوات الشرطة والمخابرات السرية الخاصة مثل ( بلاك ووتر) الذين منعونا من الدخول إلى الأحياء المنكوبة الأكثر فقرًا والتي كانت هدفاً للمنافسة العقارية.. هؤلاء المستثمرون يديرون أمورهم دون إبلاغ الطرف الآخر بل باستخفاف واستهزاء وللعلم فإن هذه الشركة ذاتها تستثمر في العراق لحساب آلبيرتون، إنها شركة رامسفيلد.
ومن الحرب في العراق يتم عرض العديد من الصور التي التقطها غرين ايضاً يقول :
التقطت العديد من الصور في الفلوجة بعد عام من عملية ( عاصفة الصحراء) في العراق والتي كانت قوات التحالف تزعم أن هدفها نشر الديمقراطية هناك لكن ما رأيناه في الفلوجة ولادة الحقد وغليان العنف بدلاً من الديمقراطية، فإن تصوب بندقية إلى شخص وتقتله هي صورة نراها في الحرب لكن أن تمنعه من الخروج من سيارة تحترق حتى يتفحم فيها ثم تلقي بجثته من فوق أي جسر فهذا حقيقة تؤدي بك الى صدمة وانكسار داخلي كما حصل معي.
أما الحرب على فيتنام فقد احتلت صورها مساحات كبيرة في المهرجان صور الجثث المتلاحمة في أرض المعركة ليعود الزمن أربعين عاماً الى الوراء، ومن أهمها الصور التي التقطها المصور الفرنسي هنري هيت وغالباً كانت بالأسود والأبيض لكنها واضحة تماماً ترينا اقرب المناطق الى المعركة والمدنيين الذين استولى عليهم الرعب والاضطراب والسفن البحرية التي غاصت في الوحل وسط الجثث ومن الصور التي نالت جوائز صورة طبيب داخل حفرة موحلة مصاب ضمد رأسه بالكامل ما عدا عينيه ويحاول الخروج لمداواة جرحى آخرين.
لقد أمضى هنري خمسة عشر عاماً في تصوير الحروب وكان ذهابه الى الحرب عادياً كذهابنا اليومي الى مكاتبنا واخيراً قتل في حادث تحطم طائرة مع ثلاثة مصورين آخرين.
الصور التي التقطها هنري في فيتنام هامة ومؤثرة جداً ولم نشهد مثلها في الحروب اللاحقة لأنه لم يستطع مصور من الوصول إلى أرض معركة كما استطاع المصورون في فيتنام لقد نقلوا لنا حتى كيف كانت تلقى الجثث في الحفر وتردم.
المصور ديكي شابيل زار المعرض وعبر بكثير من الانزعاج قائلاً : كان العسكريون يسمحون لنا بممارسة عملنا شرط التقيد بالكثير من مطالبهم فمثلاً ممنوع تصوير التحضير للعمليات العسكرية وتصوير مشاهد القتل الفظيعة.
لقد كان لحرب هنري هيت أهمية كبيرة في تاريخ الصورة في تلك الحقبة, إذ استطاعت أن تغير طريقة الأميركيين في رؤيتهم للحرب ومع ذلك فإن علماء الاجتماع اليوم يشككون ما إذا كان للإعلام تأثير على الرأي العام الاميركي وإن كانت الصورة قد هزته فعلاً.
لكن دون شك للتصوير الصحفي أهميته البالغة والصحفيون الشباب يتوقون اليوم إلى العمل النزيه في الحرب ومن الحقائق التي نراها في صور هنري وغرين نستطيع القول إن العالم ليس سوداوياً إلى هذا الحد.
التاريخ: الثلاثاء12-4-2022