الثورة – تعليق سامر البوظة:
سلسلة من العمليات الفلسطينية البطولية في غضون أقل من ثلاثة أسابيع كانت كافية لبث الرعب والذعر في نفوس الإسرائيليين وإفقادهم الثقة بحكامهم وبأجهزتهم الأمنية والعسكرية التي أثبتت عجزها وفشلها أمام عزيمة المقاومين وضرباتهم المتتالية على الرغم من كل إجراءات التأهب وحالة الاستنفار القصوى التي تنفذها قوات الاحتلال، الأمر الذي ولد حالة من التخبط والضياع في الداخل الإسرائيلي وعلى مختلف المستويات السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الإعلامية، ووضع حكومة الاحتلال وقادته في موقف لا تحسد عليه.
حالة التخبط والهستيريا كانت ظاهرة بشكل واضح من خلال رد فعل سلطات الاحتلال عبر عمليات القتل والمداهمة والاعتقالات التعسفية للشبان الفلسطينيين واستقدام وحدات النخبة لديها وإغراق الشوارع بعناصر من الشرطة والجيش, ناهيك عن التهديد المتكرر باجتياح جنين وقطاع غزة, بالإضافة إلى ما تقوم به قوات الاحتلال من ممارسات قمعية واعتقالات بحق الأهالي, كل ذلك في محاولة يائسة لتهدئة مخاوف المستوطنين الإسرائيليين الذين بدؤوا يفكرون جدياً بالرحيل والعودة من حيث أتوا, وهذا بحسب العديد من المقالات والمقابلات في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أظهرت تخبطاً واضحاً أيضاً, فحالة الضياع التي سيطرت على أجهزة الأمن والشرطة الإسرائيلية انسحبت أيضاً على تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية التي بثت أخباراً متضاربة ومتناقضة.
التطورات المتسارعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وارتفاع منسوب العمليات الفدائية للمقاومين الفلسطينيين دبت الرعب والخوف في نفوس الإسرائيليين الذين يبدو أنهم بدؤوا يوقنون بأن وجودهم أصبح بخطر وبأنهم راحلون لا محالة بعد أن وصلتهم الرسالة بأن المقاومة مستمرة وستستمر، وبأن الفلسطينيين متمسكين بقضيتهم ومتشبثين بأرضهم ومتجذرين بها ولا يمكن أن يفرطوا بها، وكل المحاولات للتخلي عنها لن تنفع, كما أن توالي العمليات الفدائية وجه ضربة قوية لكيان الاحتلال ولأجهزته الأمنية والعسكرية التي ثبت ضعفها وهشاشتها وعزز الفرضية بأنهم أمام انتفاضة جديدة، وهو ما يرعب الإسرائيليين ويقض مضاجعهم.
ما جرى ويجري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من عمليات بطولية للمقاومين الفلسطينيين ليس جديداً بل هو استمرار لنهج المقاومة الممتد منذ نشأة هذا الكيان الغاصب عام 1948, وهو أمر لا يمكن فصله عما يجري في الإقليم والعالم من تطورات وتحولات كبرى, وهو امتداد لها بدءاً من الانتصارات التي يحققها محور المقاومة ممثلاً بسورية وإيران وصولاً إلى العملية العسكرية الخاصة التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا دفاعاً عن أمنها وعن أمن مواطنيها، وما أفرزته تلك العملية من تحولات كبرى ومفصلية على مستوى العالم, أمور من شأنها وضع حد للهيمنة والبلطجة الأميركية والإطاحة بالقطبية الأحادية التي ظلت واشنطن تتزعمها لعقود, وكان لذلك تأثيره الواضح على الداخل الفلسطيني وبشكل خاص على كيان الاحتلال وساسته الذين باتوا يعيشون حالة غير مسبوقة من الهلع والخوف و بدؤوا يتحسسون الخطر متيقنين أن الدور قادم إليهم وأن احتلالهم يلفظ أنفاسه الأخيرة, فهل تكون هذه فعلاً بداية النهاية؟.