كلمات السيد الرئيس: الرئيس الأسد أمام قمة الدوحة: العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده.. والسلام لن يتحقق مع عدو لا يؤمن به إلا إذا فرض عليه بالمقاومة
ثورة أون لاين:
02 نيسان , 2009
الدوحة-سانا
ألقى السيد الرئيس بشار الأسد رئيس القمة العربية العشرين كلمة بافتتاح أعمال القمة العادية الحادية والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة توجه في مستهلها بالتحية والتقدير إلى دولة قطر والشعب القطري الشقيق على استضافة القمة العربية وبالشكر والاحترام إلى سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر على جهوده في تهيئة الأجواء الطيبة لانعقادها.
احتكار عدد محدود من الدول للقرارات أفضى لنتائج كارثية أصابت العالم برمته
وقال الرئيس الأسد: لقد كانت الفترة الفاصلة بين قمة دمشق وقمتنا اليوم مليئة بالأحداث النوعية سواء على مستوى المنطقة أو العالم وإذا كانت صفة الخطورة والسلبية قد طغت على تلك الأحداث فإنها لم تخل من إيجابيات محدودة قد تعطي بعض الأمل بتغير للأفضل وبالرغم من تنوعها الكبير فإن ما جمع بينها هو حالة العجز الدولي عن معالجة أسبابها وتداعياتها التي خرجت عن حدود السيطرة ولم تعد تستثني دولة غنية كانت أم فقيرة نامية أم متقدمة وما نسميه عجزاً دولياً ليس في الواقع سوى احتكار دولي من قبل عدد محدود من الدول للقرارات المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتقنيات وغيرها على مستوى العالم والذي أفضى إلى نتائج كارثية أصابت العالم برمته.
وأضاف الرئيس الأسد.. وإذا كنا كدول عربية سندفع الثمن الذي يدفعه بقية العالم اليوم كنتيجة لاقتصاد عالمي يتدهور يضاف للثمن الذي ندفعه كضريبة للخلل السياسي المزمن في العالم وفي منطقتنا فإن هذا الاحتكار الدولي الذي شكل باباً موصداً في وجه أي مشاركة من قبل الدول الأخرى وشعوبها والذي دخل منذ سنوات قليلة في طور التآكل قد أوصل العالم اليوم إلى أزمة قد تشكل بالنسبة لنا على الرغم من قسوتها فرصة وباباً مفتوحاً نتشارك من خلاله مع الآخرين في عملية البحث عن أسس لنظام عالمي جديد يحقق العدالة بين الشعوب ليس من خلال البحث الأكاديمي عن نظريات جديدة نطبقها بل من خلال إثبات موقعنا ورسم مستقبلنا بإرادتنا هذه المرة وليس بإرادة الآخرين.
وقال الرئيس الأسد إن عملية التغيير الشاملة التي تحصل الآن تشبه إلى حد كبير عملية إعادة صياغة العالم منتصف القرن الماضي عندما توسلنا الآخرين حقوقاً كانت بأيدينا سلمناهم إياها ليعيدوها لنا فتجاهلوها ولا يزالون وبما أننا لا نسعى لتكرار الأخطاء فعلينا أن ندرك أن العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده ولا يعيد حقاً إلا لمن يعمل على إعادة حقوقه ويتمسك بها ويدافع عنها ويقاتل من أجلها حينذاك يعني أننا في بداية الطريق الصحيح باتجاه المستقبل وتتمة هذا الطريق تكون بامتلاك الإرادة والحماس ومن ثم تحقيق التفاهم وتكريس التضامن والذي كان عنواناً لقمة دمشق والذي عملنا من أجل تحقيقه بجد ودون كلل مباشرة وبعد تلك القمة مع عدد من القادة والمسؤولين العرب الذين عملوا بصمت وهدوء إلى أن وصلنا إلى ما تحقق من مصالحات ولقاءات مؤخراً بين قمة الكويت الاقتصادية وقمتنا الحالية.
غياب التضامن العربي يبقي أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ
وأضاف الرئيس الأسد.. ومن الطبيعي أن تكون المصالحات هي الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الأرضية التي يبنى عليها النجاح أو الفشل لأي قرار نتخذه في جميع المجالات ففي ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ ولاشك لدينا أن المواطنين العرب كادوا يفقدون الأمل في أن يكون الخلاف بين الدول العربية هو حالة طارئة بعد أن أصبح التضامن هو الحالة العابرة في العلاقات السائدة بين دولنا وما يعنيه ذلك من فقدانهم الأمل في أن يتجسد أي شيء حقيقي من المواضيع الأخرى على أرض الواقع وتكريس حالة الإحباط السائدة لديهم أصلاً وهذا ما كان جلياً بأوضح صوره منذ أشهر قليلة وتحديداً في فترة العدوان الإسرائيلي على غزة الذي كان النتاج الطبيعي للعقل الإجرامي الإسرائيلي من جهة والنتاج غير الطبيعي للضعف العربي الناجم عن انقسامنا من جهة أخرى إلا أن التبدلات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة التي تلت قمة الكويت الاقتصادية قد أعادت بصيص الأمل لدينا جميعاً في إمكانية الانتقال بهذه العلاقات باتجاه أفضل ولكن يبقى التساؤل الذي يدور في ذهن كل مواطن عربي هل هذا مؤقت أم دائم ونتساءل نحن كمسؤولين كيف نجعله ثابتاً لا متغيراً وجوابي هو بالمنهجية والمأسسة فحتى هذه اللحظة لا تزال علاقاتنا تخضع لنا كأشخاص لطبائعنا وأمزجتنا وبالتالي فهي معرضة لاحتمالات سوء الفهم أو التقدير وللانتكاسة في كل مرة تواجهنا مشكلة ذات حساسية ما والاستمرارية فيما بدأناه لا تتحمل التبدلات الحادة وغير المتوقعة.
وقال الرئيس الأسد وأي إنجاز نسعى إليه ينطلق من امتلاك الإرادة وأؤكد بثقة أنها موجودة لدينا جميعاً لكن الإرادة الصادقة والنية الطيبة وحدهما غير كافيتين فهما القاعدة والأساس ولكننا نسعى اليوم للبناء الكامل.
المشكلة ليست في وجود الاختلاف لكن في طريقة إدارتنا للخلاف
وأضاف الرئيس الأسد والمشكلة.. أيها الإخوة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته فهو طبيعي وملازم لتنوع طبيعة البشر سواء في الأمة الواحدة أو الوطن الواحد أو الأسرة الواحدة لكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تعاطينا معها وفي طريقة إدارتنا للخلاف والذي لا يمكن أن نديره بشكل سليم ما لم نبدأ من توحيد رؤيتنا للتضامن الذي نريد فالتضامن العربي لا يعني التطابق العربي بل يعني التكامل العربي وهو ليس عملية استنساخ للمواقف بل هو عملية تنسيق بينها والتطابق في المواقف يحتاج لظروف متطابقة تنتج رؤية واحدة وهذا غير موجود لأسباب موضوعية أما الاختلاف فبدلاً من أن نراه بشكله السلبي كتناقض بيننا فلنراه بوجهه الإيجابي كتنوع يعبر عن الغنى في حال تمكنا من استثماره من خلال تكامل عناصره المختلفة والخلاف بيننا هو ليس على المصالح فلا وجود في الواقع لأي تناقض أو تضارب في المصالح بين أي دولتين عربيتين بل هو اختلاف في وجهات النظر المطروحة والمدخل في مثل هذه الحالة لأي تضامن عربي يكون بالحوار القائم على قبول الاختلاف الذي يفرضه اختلاف الظروف التي تحيط بكل دولة وبالتالي ينتفي المبرر والإمكانية لتحوله إلى خصومة مريرة تؤدي في محصلتها إلى الإضرار بالمصالح المشتركة التي لم تكن في الأساس سبباً للمشكلة الناشئة.
وقال الرئيس الأسد وإذا كان هذا الأساس ضرورياً للنهوض بواقع التضامن العربي فهو غير كاف بكل تأكيد فالممارسة السياسية المحددة بضوابط مؤسساتية ضرورية لاستمراره واستقراره واسمحوا لي أن أطرح بعض النقاط العملية المستخلصة من تجاربنا العربية خلال السنوات الماضية والتي أراها كفيلة بتجنب الكثير من المطبات في علاقاتنا العربية النقطة الأولى تتعلق بضرورة طرح أي مبادرة من قبل أي دولة عربية قبل انعقاد القمة بفترة زمنية محددة يجري الاتفاق عليها بحيث لا يجوز تجاوزها من جانب أي دولة لكي تتاح الفرصة لجميع الدول العربية لدراستها والتشاور حولها حيث دللت تجاربنا الماضية أن بعض المبادرات قد لا تكون محل اتفاق أو إجماع وقد تؤدي إلى حدوث شرخ في العلاقات العربية يمكن تلافيه فيما لو تم التشاور بشأنها قبل طرحها وبالتالي تفادي أي فشل محتمل للقمة المنعقدة.
النقطة الثانية هي حول عدم طرح مبادرات تتعلق بقضايا محددة تخص دولا معينة دون موافقة تلك الدول الأساسية المعنية مباشرة بتلك القضايا انطلاقاً من مبدأ الوقوف إلى جانب بعضنا البعض وليس الحلول محل بعضنا البعض فأصحاب القضية هم الأحق والأقدر على تحديد احتياجاتهم وتقدير مصالحهم.
أما النقطة الثالثة فهي بالنسبة للمبادرات التي تطرح وتتعلق بالقضايا الخلافية التي تنشأ بين دولتين أو بين أطراف في دولة واحدة فنرى أن تبني أو دعم مؤسسة الجامعة على مستوى القمة أو مستوى وزراء الخارجية لها أي لهذه المبادرة يجب أن يكون مبنياً على قبول كافة الأطراف المعنية بالمبادرة لها وليس قبول البعض من هذه الأطراف فقط وذلك كي لا تجعل الجامعة العربية من نفسها طرفاً بدلاً من أن تكون راعياً ومساعداً وما ينتج عن ذلك من تعقيد للمشكلة الأساسية من جانب وزيادة احتمال انقسامنا كدول عربية حول الموقف من المبادرة والحلول المطروحة من جانب آخر.
وأضاف الرئيس الأسد وفي كل الأحوال فإذا بقي خلاف فلنناقشه وجهاً لوجه وهي الغاية الأساسية من عقد القمم واللقاءات العربية على مستويات مختلفة ولكن ومهما اشتد الخلاف فلا يجوز أن يصبح الخلاف خارج الإطار العربي ولا أن يسيء أحدنا للآخر أمام الآخرين.. وإلا فكيف لنا أن نطالب الآخرين بسياسة واحدة تجاه قضايانا ونحن نتعامل معها بسياسات متعددة أو كيف نطالبهم بسياسة تدعم مصالحنا ونمارس سياسات ضد بعضنا البعض.
المصالحة الفلسطينية مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل
وقال الرئيس الأسد أيتها الأخوات أيها الإخوة لقد شهدنا جميعاً العدوان الإسرائيلي على غزة وشاهدنا بأم أعيننا الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين الأبرياء وعلى الرغم من إجماعنا على أن الخلاف الفلسطيني مهد للعدوان إلا أن هذا لا يجعلنا ننسى المجرم الحقيقي ومع تأكيد دعمنا اللامحدود كقادة عرب للمصالحة الفلسطينية التي نرى فيها مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل إلا أن هذا لا يجعلنا نغفل حقيقة إسرائيل كدولة مبنية على العدوان والقتل وعن أنها ترى مستقبلها في تهجير الفلسطينيين إلى وطن بديل بهدف الوصول للدولة اليهودية المنشودة ومع ارتياحنا لأن نرى معظم دول العالم تدرك حقيقة توجهات الحكومة الإسرائيلية المنتخبة مؤخراً والمعادية للسلام فإننا نؤكد أن هذه الحكومة تعبر عمن انتخبها وهي رسالة واضحة غير مفاجئة لنا تعلن أن السلام بالنسبة للإسرائيليين خيار تكتيكي فقط يرمي للتغطية على أهدافهم البعيدة المؤسسة على عدم إعادة أي حقوق اغتصبت منا وهذا لا يتطلب منا استبدال استراتيجية خيارنا بالنسبة للسلام.. ولكن ينبغي على التكتيك والآليات أن تتغير.. ليس مع تغير الحكومات في إسرائيل وإنما مع ثبوت الغايات الحقيقية والنزعة العدوانية للإسرائيليين تجاهنا وتجاه العملية السلمية.
وتابع الرئيس الأسد وفي هذا الإطار فلقد دار جدال واسع مؤخراً حول موضوع المبادرة العربية للسلام بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وبناء على حوارات قمة غزة في الدوحة وقمة الكويت الاقتصادية.
وحديثي في هذا الموضوع.. ينطلق من كون سورية واحدة من الدول الثلاث المعنية مباشرة بعملية السلام مع لبنان وفلسطين.. ومن كون الموضوع بحد ذاته يتعلق بمصالحنا الوطنية..وعلينا أن نقاربه بدقة متناهية وبوضوح تام وبعيداً عن أي مجاملات قد تسيء إلى مصالحنا.
مجيء حكومة يمينية ومتطرفة في إسرائيل لايغير في الواقع شيئاً لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم
وقال الرئيس الأسد والأساس في أي حديث عن موضوع السلام هو أن لا نربط بين توجهاتنا العامة تجاه السلام وبين التغيرات داخل إسرائيل فتوجهاتنا تعكس حقوقنا ومصالحنا الثابتة ويجب ألا تتبدل مع التبدلات في إسرائيل وإلا فإن الإسرائيليين سيفرضون علينا ظروفهم الدائمة التغير.. بدلاً من أن نفرض عليهم ثبات موقفنا تجاه قضايانا وحقوقنا إذ ان ما يتغير في إسرائيل هو المظهر فقط أما المضمون فهو نفسه دائماً لذلك ينشغل البعض بتغير مظهرهم ويغفل عن ثبات حقيقتهم التي هي ضد السلام ومعنى ذلك ألا نجعل من السلام رهينة التبدلات في إسرائيل فمجيء حكومة يمينية ومتطرفة لا يغير في الواقع شيئاً لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم جميعهم يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم وجميعهم يعكس حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي غير مهيأ للسلام وهو لم يكن مهيأ من قبل ولكن حالته تسوء يوماً بعد يوم وعلينا توقع مجيء حكومات أكثر رفضاً للسلام مع مرور الوقت.. يتم اختيارها من قبل مجتمع يزداد تطرفاً وميلاً للعدوان.
وأضاف الرئيس الأسد:هذا يعني بوضوح لا جدال فيه بأننا.. كطرف عربي.. ومنذ أطلقنا المبادرة العربية للسلام.. لا يوجد لدينا شريك حقيقي في عملية السلام.. والتي لا يمكن أن تنجز بطرف واحد عربي فقط.. فمن الناحية العملية.. هذه المبادرة غير فاعلة ولو عملنا على تفعيلها.. وذلك لعدم اكتمال شروط التفعيل هذا.. لأن إسرائيل لن تقبل بمبادرة تستند إلى المرجعيات التي تعيد الحقوق لأصحابها.. أي أن إسرائيل هي من قتل المبادرة.. وليس قمة الدوحة كما حاول البعض تسويقه.. وهذه المبادرة ليست مرجعية جديدة.. بل هي تأطير للمرجعيات التي يتمسك بها العرب من أجل تحقيق السلام.. يضاف إليها استعداد العرب الجماعي لتوقيع السلام في حال التزمت إسرائيل بالسلام.. كحافز لها.. ونحن.. كطرف عربي.. لم نتخل عن هذه المرجعيات التي تضمن حقوقنا ولن نتخلى عنها.. لذلك كان طرح تعليق المبادرة العربية في قمة الدوحة.. كرد طبيعي على استهتار إسرائيل بالسلام.. والذي بلغ ذروته في العدوان على غزة.
وقال الرئيس الأسد:إذن.. فإن عدم سحب المبادرة من جانبنا يعني أن نتمسك بالمرجعيات المتضمنة فيها.. والتي تتهرب إسرائيل منها.. كما أن تعليقها يعني أن الشروط الضرورية لتفعيلها وفي مقدمتها وجود طرف إسرائيلي مستعد لقبولها غير متوفرة.. كما أنه يعني بقاءها مطروحة.. ولكن بصورة شرطية.. فعندما تتوفر هذه الشروط.. يمكن عندئذ تفعيلها والعمل بمضمونها.. وعلى من يريد العمل معنا في إطارها.. أن يقنعنا بوجود الطرف الآخر الراغب جدياً بالسلام.
وأضاف الرئيس الأسد: أما بالنسبة للطرح الذي يقول بأنه علينا أن نعطي المبادرة كورقة للدول التي تريد التحرك لدعم عملية السلام..فنحن نحترم هذا الرأي.. ولكن نقول بأن الورقة التي بأيديهم هي المرجعيات المتضمنة في المبادرة.. فيمكنهم التحرك بناء عليها لأنها هي الجوهر والأساس.. وعندما يتمكنوا من إقناع الإسرائيليين بها فالمبادرة موجودة ويمكن حينها العمل معهم من خلالها.
وتابع الرئيس الأسد.. كل ذلك يعني بأن طرق الأبواب لتسويق المبادرة..ولإقناع الآخرين بقيمة ما نطرحه من خلال وفود باسم القمة لا جدوى منه.. وهو ما اعتمدناه سابقاً كاتجاه لتفعيل المبادرة عقب كل قمة تلت إطلاقها.. على أمل أن نرى تحولاً إسرائيلياً جدياً.. وهو احتمال لا نراه في المدى المنظور قابلاً للحدوث.. أو أن نرى تحولاً دولياً يقوم بالضغط على إسرائيل لدفعها باتجاه عملية السلام.. وهذا الذي لم يحدث حتى الآن.
السلام لن يتحقق مع عدو لايؤمن بالسلام دون أن يفرض عليه بالمقاومة
وأضاف الرئيس الأسد: بل إن ما حدث هو عكسه تماماً في قمة الاتحاد من أجل المتوسط في باريس.. عندما رفضت الدول الأوروبية المشاركة وضع المبادرة في البيان الختامي.. ومن ثم عادوا وأبدوا حماساً لها مؤخراً.. فما سر هذا التناقض غير المبرر. لذلك علينا ألا نعتمد على الآخرين.. ولا أن نبني على مواقفهم.. بل يجب الاعتماد على قوتنا الذاتية.
وقال الرئيس الأسد :وفي هذا الإطار فإن السلام لن يتحقق مع عدو لا يؤمن بالسلام.. دون أن يفرض عليه بالمقاومة.. فرغبتنا في السلام هي الدافع لنا لدعم المقاومة.. ودعمها هو واجب وطني وقومي وأخلاقي.. وهو خيارنا الوحيد في غياب الخيارات الأخرى.. فلنجعلها فوق خلافاتنا الظرفية كقضية نتوحد حولها وكمبدأ نؤمن به طالما وجد احتلال أو اغتصب حق.. فإيماننا بالسلام وتمسكنا به قوي كقوة إيماننا بالمقاومة وتمسكنا بها.
وأضاف الرئيس الأسد: وإذا كانت مسؤولية الفشل في تحقيق الاستقرار في منطقتنا تحمل للوضع الدولي..فنحن أيضاً نتحمل المسؤولية المباشرة في ذلك عندما لا نتصدى لمحاولات مصادرة قراراتنا والتحكم بمصيرنا والتدخل في شؤوننا الداخلية.. وما يحصل حالياً بحق السودان هو فصل جديد من فصول استضعاف العرب وعدم احترام سيادة دولهم.
إصدار مذكرة بحق الرئيس البشير مرحلة من مراحل تقسيم السودان لإضعافه والاستيلاء على ثرواته
وقال الرئيس الأسد: وما إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة بحق رئيس عربي تحت عناوين مزيفة.. سوى مرحلة من مراحل تقسيم السودان بهدف إضعافه.. ومن ثم الاستيلاء على ثرواته وتقاسمها بين مجموعة من الدول تسعى لتكرار تجربة الانتداب عبر تسخير المؤسسات الدولية تمهيداً لعودة الاستعمار الحديث بشكل أكثر حداثة.. وإذا كنا نحترم القرارات الدولية والمؤسسات المشرعة لها والمتفرعة عنها.. فنحن لم نعتبر يوماً أنها تحل محلنا أو تقرر مصيرنا دولاً وشعوباً.. وإذا كنا نحترمها فلأننا ملتزمون بالميثاق الذي وقعت عليه دولنا.. وبالتالي أي قرار يشكل خروجاً على هذا الميثاق علينا أن نرفضه من دون تردد.
وتابع الرئيس الأسد.. وبمعنى أكثر وضوحاً فما يسمى اليوم بالشرعية الدولية لم يكن.. ولا يجوز أن يكون.. أعلى من الشرعية الوطنية لأي بلد يحترم نفسه ويحمي استقلاله مهما كبر الثمن.
وما يتعرض له السودان هو ما تعرضت له فلسطين في بدايات القرن الماضي.. والذي مازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم.. ونحن مدعوون اليوم.. ليس لانتقاد المذكرة ولا لتوصيفها.. وكلنا يتفق حول تسييسها.. وإنما لرفضها من الأساس وللدعم المطلق للسودان في هذه المرحلة من المواجهة.. لكي نجنبه ونجنب دولنا المراحل التالية التي ستليها حتماً وصولاً إلى تفتيته.
وأضاف الرئيس الأسد: أما حججهم الواهية في ارتكابات ملفقة ارتكبها السودان فنناقشهم بها بعد أن يقوموا بجلب من ارتكب الفظائع والمجازر في فلسطين ولبنان والعراق إلى المحكمة مدانين بنفس التهم لكن غير الملفقة بل مثبتة بالوثائق وبالوقائع وفي حال فشلنا في تحمل مسؤوليتنا الراهنة مع ما يعنيه ذلك من نتائج مدمرة لنا جميعاً فسوف نتحمل المسؤولية التاريخية عن عدم قيامنا بواجبنا تجاه قضية واضحة وضوح الشمس في بداياتها ومبرراتها وأدواتها وأهدافها.
وقال الرئيس الأسد: أما ما نسمعه من آراء تطرح حول خطوات سياسية معينة نقوم بها نحن والسودان أو دعوات لتأجيل القرار لمدة عام أو القيام بإرسال رسائل الى أي كان فكل ذلك لن يجعلنا نحقق شيئاً وسيشجع الدول التي وقفت بالخفاء خلف القرار للقيام بالمزيد من محاولات التدخل المشابهة والتي لن تقتصر على السودان بل ستتعداه إلى دول أخرى عربية أو غير عربية لذلك أكرر دعوتي للقمة لاتخاذ موقف جريء واضح لا لبس فيه يرفض لا يوصف يحسم ولا يسوف.
وقال الرئيس الأسد كما ذكرت في البداية فالقضايا والمواضيع التي مرت خلال عام مضى كثيرة ولقد تم عرضها في التقرير المرفق بالرسالة التي وجهتها إلى القادة العرب لذلك ارتأيت التطرق في كلمتي هذه إلى عدد من القضايا التي أراها أكثر إلحاحاً للنقاش فيها وبغض النظر عن تفاصيل المواضيع المطروحة أمامنا فآفاقها مرتبطة بالموقع الذي نقرر أن نقف فيه سواء أردنا أن نكون تابعين في المؤخرة أو شركاء في المقدمة فإذا اخترنا الثانية فأساسها الثقة بالنفس بالأمة بشعبها بتاريخها أساسها القيام بواجباتنا تجاه قضايانا بدلاً من انتظار هبات تقدم إلينا من الآخرين هي ليست حقاً لهم بالأساس.
الحرب على الارهاب حرب علينا لصالح الارهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير نشر للفوضى
وأضاف الرئيس الأسد وعلينا أن نسمي الأشياء بلغتنا نحن فالحرب على الإرهاب هي حرب علينا لصالح الإرهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير هو نشر للفوضى عدم إعطاء إسرائيل الذرائع يعني عدم مطالبتها بالحقوق يعني الانهزام أمامها واختراع أعداء وهميين في منطقتنا يحلون محلها كعدو وحيد هو مساعدة لها أما المقاومة فهي شرف لنا وليست تهمة ضدنا ولاعار علينا أن نفتخر بها.
وتابع الرئيس الأسد علينا ألا نسمح بتوصيف قضايانا من قبل الغير فلا نقصر بحق شعبنا ولا نخسر دعم بلدان تعاطفت معنا ولا نعطي المجال لكل من يريد أن يحل محلنا أو أن يتدخل في شؤوننا أي علينا أن نتوكل لا أن نتواكل عندها فقط نحجز موقعاً يليق بطموحاتنا ونفرض رؤيتنا ونصدر بدلاً من أن نستورد مصطلحاتنا المعبرة عن واقعنا عن رؤيتنا وعن مصالحنا وعندها يكون لكل خطوة نخطوها أثرها ولكل قمة نعقدها وزنها وقال الرئيس الأسد إنني أتطلع معكم إلى أن تحقق هذه القمة الأهداف التي وضعناها نصب أعيننا ولا أرى ذلك بالأمر العسير بل هو بأيدينا ورهن إرادتنا.. وبهذه الإرادة سنتمكن من كسب الرهان على المستقبل.
واختتم الرئيس الأسد كلمته بالقول أحييكم أيتها الأخوات أيها الإخوة ويسعدني أن أسلم رئاسة القمة إلى أخي سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الذي أشارككم الثقة بأنه خير من يحمل الأمانة.
إرسل هذا المقال الى صديق