الثورة – حسين صقر:
منذ أن كنا أطفالاً، و عيد الجلاء يعني لنا الكثير من الفخر، و اليوم يجب أن يبقى هذا الموقع ويرتقي لكي يكون الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة.
فما أشبه البارحة باليوم، حيث تكللت قبل ستة وسبعين عاماً تضحيات السوريين على امتداد الوطن بنصر على كبرى قوى الاستعمار في تلك الحقبة من التاريخ، وهي الاحتلال الفرنسي إلى أن نالت سورية استقلالها عام 1946 واليوم الإرادة السورية ذاتها تخط طريقها نحو الانتصار على القوى الاستعمارية ذاتها بأشكالها وأدواتها الجديدة ممثلة بالإرهاب لتكون ذكرى الجلاء حاضرة في ذاكرة السوريين وهم يقولون للعالم الآن كما قالوها بالأمس نحن أصحاب حق وقضية ولا مكان لمعتد أو غاز على هذه الأرض الطاهرة أياً كان شكله وتغيرت أدواته من الإرهابيين والعثمانيين الجدد.
السوريون على امتداد جغرافية الوطن ومن جميع مكوناتهم يحتفلون اليوم بعيد الجلاء مستذكرين أبطال المعارك التي خاضها أحرار سورية على كامل أراضيها، والذين رووا بدمائهم الطاهرة زنبق الجلاء وورد الحرية، وعزفوا بصوت بنادقهم ألحان الاستقلال، كما رسموا بتضحياتهم صورة سورية الدولة.
” الثورة” التقت شرائح وفعاليات مختلفة من القطاع التربوي والقضائي، حيث أكد هؤلاء أن الجلاء جعل من سورية دولة مستقلة الإرادة والقرار منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، رغم المحاولات التي لم تتوقف القوى الاستعمارية لسلب هذا الشعب إرادته ليغدو يوم السابع عشر من نيسان من كل عام عيداً وطنياُ لجلاء المستعمر الفرنسي عن أراضي الوطن بعد وجوده أكثر من ربع قرن ترافقت مع جملة من الإجراءات الاقتصادية والسياسية والعسكرية اتسمت بالغطرسة في محاولة لخنق إرادة الشعب السوري بنيل استقلاله.
وقالت لما عمار مدرسّة تاريخ: منذ أن حاول المحتل الفرنسي فرض شروطه على سورية عبر ما سمي إنذار غورو في الـ 14 من تموز عام 1920 والذي حمل مطالب لا يمكن القبول بها، تصدى لها السوريون بما يملكونه من إيمان وعزيمة واستشهد العديد منهم في معركة غير متكافئة في ميسلون ليثبتوا أنهم لا يمكن أن يقبلوا الذل ولو كانت حياتهم الثمن، ما دفع كثيراً من المؤرخين إلى اعتبار تلك المعركة النواة الأولى لما واجهه ذاك المحتل لاحقاً من مقاومة وصمود على أيدي السوريين طوال سنوات الاحتلال إلى أن تكللت أخيرا بالنصر وطرد آخر جندي فرنسي.
بينما عبر المدرّس مهدي صالح بالقول: ما كان للجلاء أن يتم بتلك الصورة المشرفة التي عرفناها لولا أبهى صور الوحدة الوطنية التي قدمها الشعب السوري على امتداد جغرافيا الوطن، رغم محاولات الاستعمار حينها زرع الفتنة وروح التقسيم بين أبناء هذا الشعب، حيث لم تتوقف التضحيات في سبيل استقلال سورية عبر نضالات قادها المجاهدون الشرفاء أمثال الشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وحسن الخراط وغيرهم، وصولاً إلى الثورة السورية الكبرى عام ١٩٢٥ التي قادها سلطان باشا الأطرش والتي عمت مختلف المدن والمناطق السورية من شمالها إلى جنوبها.
بدوره قال المحامي شادي غانم: لقد كرس السوريون وحدة الدم في مواجهة الاستعمار ومخططاته التقسيمية البغيضة، وأضاف هاهو الجلاء اليوم يتجدد مع كل انتصار يحققه الجيش العربي السوري ضد إرهاب تحاول عبره الدول الغربية استعمار سورية بأدوات رخيصة من إرهابيين مرتزقة أجانب وعبر سياسة النظام التركي والأنظمة الأعرابية العميلة الداعمة للمجموعات الإرهابية وإطلاق يدها للتخريب والنهب بغية التمدد لتحقيق أطماع الغرب التوسعية الاستعمارية.
وعبرت المحامية عبير شمس بالقول: إن الانتصارات المتلاحقة لبواسل الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب وداعميه تشكل خطا ثابتة على طريق استعادة الجولان السوري المحتل وكل ذرة تراب مدنسة بالاحتلال، موضحة أنه مع كل معركة انتصرت فيها قواتنا المسلحة الباسلة على التنظيمات الإرهابية ورعاتها وداعميها أثمرت أمنا وأمانا على معظم ربوع الوطن، ومع كل قطرة دم شهيد تتجدد الانتصارات ويتوهج ألقها في وجدان السوريين.
وأشارت المحامية سعاد الناجي بأن انتصارات الجيش العربي السوري المتلاحقة على امتداد مساحة الوطن ستستمر رغم كل التهويل والعويل لتنتهي بدحر الإرهاب وداعميه عن أرض سورية وإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل ربوعها.
و اليوم وبالتزامن مع تحرير بواسل الجيش العربي السوري أغلبية المناطق والبلدات على امتداد مساحة الوطن من دنس الإرهاب يجدد السوريون ذكرى الجلاء، و تزداد الملحمة الوطنية أهمية وعنفواناً ، ما يحفز طاقاتنا وقدراتنا نحو المتابعة في التضحية وصولاً إلى النصر المؤزر والمتمثل بتطهير كامل التراب السوري من آخر إرهابي موجود على أراضيها الطاهرة، منوهة بأن معنى الجلاء يكتمل ويتماهى بمعاني الاستقلال ليكون عيد الجلاء فخراُ بما تتضمنه الكلمة.