الثورة- رفاه الدروبي:
الكندوش مسلسل دراما اجتماعية تدور أحداثه في فترة ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، تمَّ تصويره بين أروقة وأزقة وحارات حي باب شرقي بمدينة دمشق القديمة ويحمل في مضمونه أحداثاً موثقة في زمان ومكان معروفين ويتناول قصصاً حقيقية، وليست مفبركة تأليف حسام تحسين بيك وإخراج سمير حسين.
تجري الأحداث حول أحد الرجال الأثرياء ويُدعى “عزمي بيك” يؤدِّي دوره الفنان أيمن زيدان ببراعة حتى يكاد المشاهد يُصدِّق أنَّه الشخصية ذاتها بصولجانه المحمول في يمينه وطربوشه الأحمر ونظاراته وبزته السوداوين. تنقلب حياته رأساً على عقب عندما يتزوج أرملة تدعى “ياسمين” تلعبها سلاف فواخرجي، لتصبح الزوجة الثانية بعد أمِّ أولاده صباح الجزائري وينتهي الفصل الأول بزواج “أمل” كندا حنا ذات الملامح الرومانسية الهادئة المغلوب على أمرها من “مصطفى” الممثل خالد شباط بلقطات جسَّدت البيئة الشامية بأعراسها وملابسها وتصرفاتها وما رافقها من أغنيات حلوة وموائد عامرة بما لذَّ وطاب في الآونة ذاتها.
تتواصل الأحداث خلال الجزء الثاني وتكيد “ياسمين” الألاعيب بمساعدة أخيها سعد مينه لابنة عزمي “أمل” وتُتهم بأنّها تحبّ أحد الأشخاص وتتدرَّج الأحداث لتبيِّن بأنَّ البيك زيدان قتل والد “ياسمين” وحرَّضها الأخ لقتله انتقاماً لوالده وخيانته بتسليمه للفرنسيين.
أدّى كادر العمل أدوارهم بشكل عادي باستثناء سامية الجزائري المرأة العجوز البخيلة في دور “أمِّ مصطفى” حيث استطاع منفِّذ المكياج إظهار حدبة ظهرها وبدت ملامح وجهها وخطوطه وتجاعيده بشكل رائع مرتدية ملابس تناسب المشهد وتقف في وجهها ابنتها “نبيهة” شكران مرتجى بدور نوعي لفتاة عانس امتهنت الخياطة وابتليت بالتأتاة في لسانها لكنَّ شخصيتها الصادقة تنطق بكلمة حق أثناء الدفاع عن “أمل” وتدافع عنها وتؤكد براءتها بمساندة “مصطفى حيث يخلِّص شقيقته من براثن عصا أمّه فلفت أنظار المتابعين لأداء شخصية صعبة بملامحها الهزيلة الضعيفة والمنقادة للأم أحياناً والرافضة لأوامرها في أخرى من خلال حركات العيون الصعبة واليدين المرتجفتين وتنكشف مكنوناته لما يعتمل في داخله عندما يفور غضبه مع تطور الأحداث بشكل رائع وجميل.
أمَّا الشخصية النوعية فتركزت في أداء همام أيمن رضا بدور “شريف” حيث بدا بمكياج تعابير الوجه على جفني عينيه ليعكس المخرج من خلالهما تصرفاته الشاذة بدءاً من المنزل مع أفراد أسرته وانتهاء بالمجتمع المحيط به.
كانت كاميرا الكندوش نظيفة رتيبة تحرَّكت مع الأشخاص بشكل حواري متناولة إياها من زوايا عدة للقطات غلب على مشاهدها اللون الأصفر في كلا الجزأين بشكل عام كي يعيد المخرج مشاهديه إلى الفترة الزمنية للأحداث.
تناولت نتفاً جميلة من فناء البيوت بلقطات تصويرية تتحرك وفق أداء الكادر وحسب المشاهد بحركات بطيئة رافقتها إضاءة خافتة وظّفت مع العرض ومؤثرات صوتية ملائمة حسب ما يتطلب الحدث ظهرت في سماع أزيز الرصاص أثناء دخول رجال الشرطة للقبض على علاء قاسم بشخصية الأعجر.
عرضت قنوات عدة جزأي المسلسل بأحداث عادية لم تتطور بل كانت رتيبة بدأت بقصة من المقدمة والعقدة تمثلت بزواج “عزمي” ثم ابنته “أمل” بينما لم يقدّم الجزء الثاني حتى الآن أحداثاً هامة فمازال في العقدة وتشابك خيوطها لمجريات عادية في قصتها وحبكتها ولم تقدم معلومة مفيدة للمشاهد بل تركت البعض يلعق لعابه بلقطات بين عزمي وياسمين كان بغنى عنها ولا تُسوَّق في الموسم الرمضاني للعمل. لكنَّ الأحداث مازالت مستمرة والجمهور بانتظار ساعة النهاية للجزء الثاني.