الثورة – عبد الحليم سعود:
مع حلول الذكرى الرابعة والسبعين لاغتصاب فلسطين أو ما يسمى “نكبة فلسطين” يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه المتكررة والبشعة بحق شعبنا الفلسطيني الصامد، حيث لم يوفر هذا الكيان الغاشم صنفاً أو نوعاً من الجرائم أو المجازر أو الانتهاكات لحقوق الإنسان إلا وارتكبها بحق الفلسطينيين.. من الاحتلال والإبادة إلى التهجير والتشريد ومن الاضطهاد والقمع إلى الاعتقال والقهر وصولا إلى تدنيس المقدسات وإقامة المستوطنات وتطبيق سياسة الفصل العنصرية مرتكباً على مدى تاريخه القصير ما يندى له جبين الإنسانية، دون أن يعاقب أو يحاسب مرة واحدة على جرائمه المستمرة، وذلك نتيجة الدعم الأميركي والغربي الذي يتلقاه والتغطية السياسية والإعلامية التي تحاول تشويه الحقائق وتحويل القاتل إلى ضحية والضحية إلى قاتل والإرهابي إلى مقاوم والمقاوم إلى إرهابي.
بالأمس أبى هذا الكيان الغاصب المجرم أن تمضي ذكرى اغتصابه لفلسطين دون جرائم جديدة تروع الضمير الإنساني وتكشف حقيقته القذرة للعالم بارتكابه جريمة قتل متعمدة وبشعة بحق الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والاعتداء على مراسم تشييعها متعمداً إسكات صوت الحقيقة بالرصاص وإخراس صوت الحق بالتهديد والبلطجة، فيما كرر عدوانه الآثم بحق السيادة السورية ليؤكد للعالم قائلاً: ها أنا اقتل وأعتدي وأرسخ الإرهاب والاحتلال في كل المنطقة دون أن أخشى المحاسبة أو العقاب.
وعلى مدى أكثر من سبعة عقود حاول هذا الكيان الإرهابي المصطنع أن يطمس حقيقته كمجرم سفاح، غير أن المعلومات التي توفرت عن أيام النكبة تؤكد أن عصاباته الإرهابية المجرمة فاقت النازية والفاشية في تعاطيها مع الشعب الفلسطيني، فقد سيطرت العصابات الصهيونية الهاغانا وشتيرن وبالماخ خلال فترة النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية في حين تم تدمير 531 قرية وبلدة بالكامل وطمس معالمها التاريخية والحضارية وتغيير أسمائها وتهجير سكانها الأصليين، وما تبقى منها تم إخضاعه إلى قوانين الاحتلال التعسفية المجرمة.
كما شهدت الفترة التي سبقت الخامس عشر من أيار عام 1948 وما تلاها ارتكاب أكثر من 70 مجزرة مروعة على يد العصابات الصهيونية التي تلقت السلاح من الجيش البريطاني المنسحب، كمجازر دير ياسين والطنطورة وكفرقاسم وغيرها، حيث سقط أكثر من 15 ألف شهيد خلال المعارك التي دارت بين المقاومين الفلسطينيين والجيوش العربية التي دخلت للإنقاذ من جهة وبين العصابات الصهيونية المسلحة بأعتى أسلحة القتل والتدمير آنذاك من الجهة المقابلة.
وفيما أقام الاحتلال مستوطناته على حساب القرى العربية المحتلة والمدمرة من أجل استقدام المستوطنين وشذاذ الآفاق من كل أنحاء المعمورة كان التشريد من نصيب أبناء الأرض المحتلة، حيث تشير سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إلى أن عدد المخيمات بلغ 58 مخيماً رسمياً تابعاً للوكالة تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سورية، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
ومن الجدير بالذكر أن اغتصاب فلسطين كان تنفيذاً لوعد بلفور المشؤوم للحركة الصهيونية عام 1917 حيث قام الاحتلال البريطاني بتسهيل هجرة اليهود من كل أنحاء العالم إلى فلسطين، كما كان لقرار التقسيم الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 الدور الأبرز في إقامة هذا الكيان الإرهابي حيث عملت كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على استصداره في غياب أي فيتو يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني ويوقف حمام الدم بحق أبنائه.
وبالرغم من ادعاء هذا الكيان الغاصب سعيه للسلام والتطبيع فلا يزال يحتل فلسطين بكاملها إلى جانب الجولان العربي السوري والعديد من القرى اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبة، ويمارس العدوان والعربدة بحجة حماية أمنه مستغلاً صمت المجتمع الدولي المريب