تشهد الساحة الثقافية حراكاً لافتاً في غير نشاط ثقافي، وكان أبرزها معارض للكتاب السوري الذي تنقل في غير مركز ثقافي ليحطّ رحاله أخيراً في جامعة دمشق كلية الآداب، فقد قدّم اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة آلاف العناوين كوجبة متنوعة بين الفكر والفنون والأدب والعلوم، وبأسعار رمزية تناسب شريحة الطالب، ليكون الكتاب في متناول اليد.
ومن يتابع هذا الإقبال الكبير على اقتناء الكتاب سواء منه التخصصي أو ما يتعلق منه بالثقافة العامة والاطلاع على أحدث الإصدارات، يدرك ذاك الشغف بالكتاب ويدحض مقولة:” أفول عصر الكتاب” فما زال الكتاب يحتل مكانته المرموقة عند الطالب والباحث، ولاتزال رائحة الكتاب وعبقه يأسر القلوب ويثير شهية الطالب والباحث لاقتناء الكتاب الورقي، وجعله كما كان دائما خير جليس.
ولا شك يسجل للمؤسسات الثقافية مبادراتها النوعية في استقطاب جيل الشباب وتقديم الكتاب في رحاب جامعاتهم، وفي مرتع ثقافتهم وتحصيلهم العلمي، إيماناً منها بأن الشباب هم عماد المستقبل وأمل الأمة الواعد، ومن جهة أخرى محاولة مدّ الجسور وربط الطالب بتراثه وتاريخه وتكريس الوعي لديه بدوره في بناء المجتمع وإعماره.
ومن باب الغيرة والمعاملة بالمثل نهيب بإقامة هكذا معارض في المدارس، لأنها تشكّل الشريحة الأكثر اتساعاً في المجتمع، ومن الأهمية بمكان تكريس فعل القراءة لدى الأطفال، لصناعة طفل قارىء، وتفعيل دور المكتبات المدرسية وإقامة المسابقات وتقديم المكافآت والجوائز التشجيعية للمتفوقين. وخصوصاً في ظلّ هيمنة تكنولوجيا العصر على عقول الأطفال، حتى كادت تحولهم إلى روبوتات آلية يعيشون عالمهم الافتراضي بعيداً عن الواقع وإنجازاته.
وهنا نؤكد أن أي مشروع ثقافي لابدّ أن يبنى على دعامات أساسية أهمها الأسرة والمدرسة ومن ثم المؤسسة الثقافية، وهذه التشاركية بين عناصر البناء الثلاثة، لا شك تنتج جيلاً واعياً يؤمن بأن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، ولا تنتصر إلا بأبطالها الميامين.
ويبقى الكتاب منارة الأجيال وكنزهم الذي لا ينضب، وشغفهم الذي لا يخبو ألقه.