الثورة – فؤاد مسعد:
العديد من المحطات التلفزيونية تعيد بعد شهر رمضان عرض المسلسلات بهدوء بعيداً عن التخمة التي كانت تعاني منها خلال الشهر الكريم، كونه يعتبر الموسم الدرامي الأهم للأعمال التلفزيونية والذي ينتظره صناع العمل الدرامي والمساهمون فيه بمن فيهم المنتجون والموزعون والمعلنون من سنة إلى أخرى، ولكن من منا يمكنه إنكار أن لهذا الموسم قوانينه الخاصة به في آلية العرض والمٌشاهدة وأن هناك شروطاً عديدة تترك أثرها الإيجابي على أعمال كما تترك أثرها السلبي على أعمال أخرى لدرجة أنها قد تلعب دوراً بشكل أو بآخر في نجاح أو فشل العمل عند عرضه حيث يكون للعروض الدرامية ظروفها وطقوس مشاهدتها المتفردة.
مما لا شك فيه أن هناك مجموعة من العوالم التي تلعب دورها في آلية اختيار المتلقي للمسلسل الذي يتابعه وأحياناً تفضيله عن آخر ربما يكون أهم بكثير، ما يشي أن الجودة لم تعد هي المعيار الوحيد لجماهيرية العمل خلال عرضه في الشهر الكريم وإنما هناك العديد من العوامل المؤثرة إضافة إلى امتلاكه القدرة على الجذب، ومن تلك العوامل (مزاج المشاهد، توقيت العرض وتضارب أوقاته، تكرار العمل على أكثر من قناة، مدى متابعة القناة، كثافة الأعمال، مدى جودة الإعلان والترويج المسبق للعمل، انقطاع التيار الكهربائي ..) فكثيراً ما يحدث أن عملاً تجده على الكثير من القنوات ويُعرض في أوقات الذروة، أي كيفما توجهت بجهاز التحكم ستراه أمامك على الشاشة، بينما تجد عملاً آخر حظه أقل بكثير ضمن منظومة العرض فيكون على قناة واحدة وأحياناً غير مُشاهدة وليست معروفة لكثيرين وما يزيد الطين بلة التوقيت غير المناسب للعرض، وهذا الأمر بالتحديد من شأنه تفسير رغبة المنتجين الدائمة في عرض مسلسلاتهم في توقيت الذروة خلال شهر رمضان.
ويضاف إلى ذلك كله تعدد الخيارات الدرامية أمام المُشاهد ما يشتت انتباهه، وتطويل المسلسلات ووقوعها في إيقاع الرتابة والملل وتسرب الجمهور منها، كما أن واحدة من العوامل الهامة اليوم التي لا يمكن إنكارها وربما لها دور هام، وهي أولويات اهتمام المتلقي الأمر المرتبط بشؤون الحياة وهمومها والسعي وراء تأمين المستلزمات الأساسية ما يؤدي إلى تراجع مسألة مشاهدة مسلسل درامي إلى مراتب متدنية من سلّم أولوياته.
العمل الجيد سيصل إلى الناس في أي وقت تم عرضه على الرغم من أن أبرز معالم المُشاهدة في الموسم الدرامي عادة ارتباك التركيز وسط زحمة ما يُعرض، لذلك نجد أن هناك أعمالاً قد تتعرض لمذبحة حين عرضها في هذا الشهر بينما تلقى ترحيباً بها لدى عرضها خارجه. ولكن هناك من يرى أن العوامل المؤثرة في العرض تم اختراقها بشكل أو بآخر من خلال الانترنت فالغالبية العظمى من المسلسلات المعروضة على المحطات يتم عرض حلقاتها بشكل أو بآخر على مواقع الأنترنيت وعبر تطبيقات معينة، منها ما يُقرصن الحلقات وينشرها ومنها ويعرضها بالاتفاق مع الجهة المنتجة أو العارضة، وفي جميع الأحوال تبقى محاولة لإتاحة الخيارات كلها أمام المشاهد.