الثورة – آنا عزيز الخضر:
الأفكار كثيرة، قد تكون محطات للتكرار هنا وهناك في الأعمال الفنية، لكنها تبدو كأنها تُطرح لأول مرة، وذلك عندما يتقن صناع العمل الفني توظيفها بالشكل المدروس والمتقن درامياً وفنياً، ومن المنظور الواقعي، فتصبح المعادلة الفنية غاية في الدقة والابتكار، وتصل رسالة العمل بشكلها الجميل.
ينطبق هذا على العرض المسرحي “موت موظف”، وهو عن قصة من الأدب الروسي لـ “تشيخوف”..
العرض حالياً من إعداد وإخراج “لؤي شانا”، ويعرض على صالة مسرح الحمراء بدمشق، وقد استُثمرت نفس الفكرة لمرات عديدة في المسرح، لكنها الآن بحلتها الجديدة امتلكت شروطها المسرحية المتميزة، متكئة على الفكرة فقط.. فكرة الخوف وتنامي الأوهام والهواجس البعيدة عن المنطق وعلاقتها بالواقع، فقد عاش ذلك الموظف في وهمٍ قلب حياته راساً على عقب، فلم يدعه الخوف إنساناً عادياً بل استعبدته الفكرة وألغت كل شيء في حياته، في إشارة هامة قصدها العرض، وهي أن مثل هكذا مواقف سلبية تستعبد الإنسان، وليس بالضرورة أن يكون الاخر هو المسؤول، بل سلبية الإنسان..
وظف العرض الفكرة في إطار اجتماعي وواقعي، مستحضراً الكثير من الحكايا والقصص الواقعية المعاشة، ما جعل العرض قريباً من حياة المتلقي، خصوصاً أنه ينتمي إلى عالم الكوميديا الراقية، التي تزرع الابتسامة وهي تقدم رسائلها المختلفة.
تداخلت الأفكار والحاﻻت الإنسانية، وتمازجت مع الضحكة بطريقة متميزة جعلت للعرض خصوصيته الفنية وأجواؤه، فكانت كوميديا سوداء قدمت حياة يومية وقصصاً واقعية، رغم ما فيها من مرارة إلا أن الأسلوب الفني، الكوميدي، الذي غلب عليها، أكد قدرته على التمسك رغم كل شيء برسالة الفن..