الثورة – متابعة – عبير علي:
اختتم اليوم معرض “لوبان” في مدينة إدلب فعالياته في يومه الثالث، بمشاركة لافتة للفنان التشكيلي كمال الجندي، الذي قدم رسالته الإنسانية من خلال لوحاته الفنية في منتدى “خيزران الثقافي”.

يُعد الجندي من الأسماء البارزة في الساحة الفنية، حيث يشارك بفعالية في العديد من الجمعيات الثقافية والفنية المهمة، مثل “بصمة فن”، وقد ترك الجندي بصمة واضحة في هذا المجال، وذلك من خلال مشاركاته المتنوعة في معارض فردية وجماعية، بالإضافة إلى المعارض الإلكترونية داخل سوريا وخارجها.
معاناة وآمال الشعب
وفي حديثه لصحيفة الثورة، كشف الجندي عن معنى مشاركته في المعرض قائلاً: “الفن هو تعبير عن صيرورة الروح وتجسيد لمعاناة البشر والشعوب، وهو الأمل بمستقبل مشرق تنقشع فيه الآلام والمآسي التي مر بها الشعب السوري، الذي عانى من أقسى حالات القهر والظلم، لا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد أن ينكسر.”
نحو التآخي والتسامح
وتابع الجندي مؤكداً أهمية إقامة مثل هذه الأنشطة في مدينة إدلب، حيث أشار إلى أن هذه المبادرة تعتبر “خطوة جريئة وتحدياً كبيراً تهدف إلى دمج مختلف أطياف الشعب السوري ونشر الوعي لتحقيق التآخي والتسامح.” وأضاف: “الهدف الأساسي لهذه التجربة هو بناء سوريا حرة ومزدهرة، قادرة على إعادة بناء ما هدمته الحرب، من خلال الفكر والثقافة.”
وفيما يتعلق بدور الفنان في المجتمع، أوضح الجندي أن الفنان يجب أن يتحلى بالوعي ويكون له رسالة واضحة، قائلاً: “الفنان يجب أن يكون محركاً وملهماً لا مجرد شاهد على الواقع، نحن لا نكتفي برسم الجروح بل نرسم الآفاق المليئة بالأمل، ليكون الفن بلسماً لآلام الناس. الحضارات عبر التاريخ دفعت ضرائب كبيرة حتى نهضت من جديد، وهذا ما نطمح لتحقيقه في سوريا.”
الفن في زمن الحرب
وفيما يتعلق بتأثير الفن في الحرب والدمار، قال الجندي: “قبل تحرير سوريا، رسمت لوحة تعبيرية عن معاناة الشعب السوري، مستشعراً ما كان سيحدث في المستقبل، في تلك اللوحة، كان هناك صرخة انتظار لحل من السماء، تعبيراً عن مآسي الحرب وصبر الشعب السوري في ظل الطغيان.
أمل لا يتوقف
وفي ختام حديثه، عبر الجندي عن حلمه بمستقبل مشرق لسوريا، قائلاً: “أحلامي أن ينهض بلدي الحبيب سوريا في أقرب وقت، وأن يعيش أبناؤنا وأحفادنا فيه كجنة لا يسكنها ألم. أملنا في المستقبل لا يتوقف، فنحن مستمرون في العمل معاً، يداً بيد، لبناء سوريا الجديدة، سوريا التي هي للجميع، خالية من الحقد، متسمة بالمحبة والتسامح.”
لوحات تعكس معاناة المرأة
من جهتها، قدمت الفنانة التشكيلية غروب الحموي في معرض “لوبان” مجموعة من لوحاتها التي تناولت موضوع الثورة السورية والحرب التي غيّرت وجه الحياة في سوريا. وكان من أبرز أعمالها لوحة “الانكسار في المرآة”، التي تمثل تجسيداً عميقاً للمعاناة التي تعيشها المرأة السورية في ظل ظروف الحرب. اللوحة لم تكن مجرد عمل فني، بل كانت شهادة حية محفورة على الخشب، تتحدث عن الألم، الصمود، والأمل.
الخشب كوسيط فني
وفي حديثها عن هذه اللوحة، قالت الحموي: “هذه اللوحة هي تجسيد لكل قصص النساء السوريات، اللاتي عايشتُ آلامهن وسمعتُ عن معاناتهن. حين نتمعن في اللوحة، نجد أنفسنا أمام سؤال جوهري: ماذا نرى؟ هل هو الظلم أم الصمود؟ أم شعور بالإنسانية المشتركة؟”
وأشارت الحموي إلى أن استخدام الخشب كوسيط فني له دلالة رمزية عميقة، حيث قالت: “الخشب مادة عضوية تربط العمل الفني بالأرض والطبيعة والأصالة. كما أنه يضيف إلى اللوحة عنصراً من الغموض ويعزز من عمق التعبير عن معاناة النساء السوريات.”
صمود وقوة رغم الألم
وفي أعمالها، حاولت الحموي رسم التوازن بين الرجل والمرأة في سياق الثورة والواقع السوري، مشيرة إلى أن “الصمود هو سمة أساسية لدى جميع أفراد المجتمع السوري، سواء أكانوا رجالاً أم نساء. ولكن ما يميز المرأة السورية هو قدرتها على مقاومة الألم بحكمة، في الوقت الذي تبقى فيه تمثل الجمال والصبر في كل تفاصيل الحياة اليومية.”
ومع كل ضربات الفرشاة التي نقلت فيها واقعاً مؤلماً، استطاعت الفنانة الحموي أن تقدم رؤية جديدة للثورة السورية، رؤية تنبض بالأمل والقوة، وتعكس مقاومة الإنسان السوري بكل أطيافه.
وفي النهاية، يمكن القول إن الفن التشكيلي في سوريا لا يُعد مجرد وسيلة للتعبير الفني، بل هو أداة فاعلة لتوثيق المعاناة والأمل، ليظل الأمل هو محركه الأول في ظل كل ما مر به الشعب السوري من آلام وتحديات. سواء عبر لوحات كمال الجندي التي تنبض برسائل الأمل والحرية، أو من خلال أعمال غروب الحموي التي تعكس صمود المرأة السورية، يبقى الفن أداة للتغيير وبناء المستقبل.