تُدار الكثير من قضايا الناس في المؤسسات والجهات العامة الخدمية وغير الخدمية حسب مصالح بعض القائمين على إنجاز هذه الخدمات، والأمر بات مُعلناً عند الكثيرين ممن يعملون في هذه الجهات، وحتى أنه أصبح مبرراً من متلقي الخدمات وطالبيها.
التصريح بهذا الأمر من قبل بعض العاملين في هذه الجهات، والتبرير من قبل طالبي الخدمات يستند إلى واقع لا يُمكن تجاهله، فالموظف الذي يتقاضى راتباً يُغطي 20 % من حاجته يبحث عن تأمين ما تبقى من حاجته من خلال الموقع الذي يشغله، وهذا ينعكس على طريقة تقديم الخدمات ومدة إنجازها وعرقلتها وكثير من الشجون التي بات يعاني منها المواطن، وحتى بعض متلقي الخدمات يعتبرون ذلك من باب المساعدة للموظف.
ما سبق ذكره لا يُمكن تعميمه، ولكنه أصبح ملموساً بنسبة كبيرة في مؤسساتنا، وهذا وذاك يدفع المواطن وتدفع الدولة ثمنه، المواطن يدفع مبالغ وأعباء لا يقوى على حملها في كثير من الأحيان، والدولة تدفع ثمناً أغلى بتخريب البنية الإدارية والمالية وانحراف المؤسسات عن عملها ودورها في خدمة المواطن ودعم الخزينة وتماسك أنظمة الإدارة العامة لمؤسسات الدولة.
بالجهات العامة، بمؤسساتها وشركاتها صمدت الدولة في وجه الحرب والعقوبات والحصار والتدمير وكل الاستهداف الذي تعرض له البلد، وبالتالي يجب تقوية هذا القطاع وحمايته وتعزيزه من خلال دعم وتحسين ظروف القائمين عليه والعاملين فيه بتحسين ظروف عملهم وتعويضاتهم ورواتبهم وخدمات النقل والتي من شأنها تحصين بيئة العمل، فتخفيض المخصصات للعاملين يقلل من أعباء الخزينة ولكنه يُهدم بنية المؤسسات التي تُشكل الدولة ويُفقدها عشرات أضعاف ما وفرته، لأن التفاهم بين المواطن والعاملين والقائمين على هذه الجهات لن يكون في مصلحة البلد والخزينة، بل لمصلحة الأشخاص، وإلغاء كثير من الخدمات جعل مؤسساتنا متهالكة يحتاج ترميمها لعشرات أضعاف ما تم توفيره للخزينة.