الثورة – غصون سليمان:
تنبع أهمية ودور اختصاص الصحة العامة بشكل عام من أن مريضه ليس مباشراً، وإنما مريضه بشكل أساسي هو المجتمع والنظام الصحي الذي يتعامل مع الاستراتيجيات والأهداف العامة.
فقد انصبَّت جهود المعنيين على مستوى وزارة الصحة والكليات الطبية على إعادة الألق والحيوية لهذا الاختصاص الذي تعثر خلال سنوات الحرب الظالمة على بلدنا، وخسارة الكثير من كوادر الاختصاص مااستدعت الحاجة اليوم إلى تكثيف العمل والإجراءات بما يرمم الفجوة، ويحقق الأهداف الصحية والمجتمعية على جميع المستويات.
ففي فعاليات احتفالية يوم الصحة العالمي واليوم العالمي لطبيب الأسرة في الخامس والعشرين من أيار بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان كان لقاء الأسرة الصحية على مستوى التحديات في مناقشاتهم ومحاضراتهم الغنية بكل التفاصيل بفندق امية “دمشق”، حيث تم تسليط الضوء من خلال عشرة أبحاث على نشأة اختصاصي الصحة العامة وطب الأسرة للاستاذ الدكتور محمد إياد الشطي، ملخص عن الدبلوم الإقليمي لطب الأسرة للدكتور سعيد صلاح سليمان من القاهرة، وقدمت الدكتورة نجوى نشأت حجازي أيضا من مصر لمحة عن المنظمة العالمية لأطباء الأسرة ودورها في طب الأسرة.
فيما استعرض الأستاذ الدكتور أحمد ديب دشاش أهمية ودور اختصاص الصحة العامة في المجتمع، فيما قدم الدكتور وسام الماوردي لمحة عن مفردات اختصاص طب الأسرة ودوره في تعزيز الصحة، وسلطت كل من الدكتورة مايا عرفات الضوء على التوصيف الوظيفي لاختصاص طب الأسرة، والدكتورة رشا محمد على التوصيف الوظيفي لأطباء الصحة العامة.
وقدمت الدكتورة كناز الشيخ رئيسة رابطة الصحة العامة وطب المجتمع عرضاً عن مراحل تأسيس الرابطة، وكذلك الدكتورة سمر المؤذن رئيسة رابطة طب الأسرة السورية أشارت لأهمية ودور الرابطة في حياة المجتمع.
* تحسين المؤشرات الصحية..
الدكتورة هزار فرعون رئيسة المجلس العلمي لاختصاص الصحة العامة تحدثت بشكل مفصل عن مفردات منهاج الصحة العامة، حيث تضمنت وزارة الصحة قائمة من الأهداف منها: تحسين المؤشرات الصحية، وتحقيق العدالة بتوزيع الخدمات الصحية، ورفع مستوى الوعي للمواطنين، تطوير الدراسات والبحوث الصحية، وهذه الأهداف مجتمعة يضطلع بها بشكل أساسي اختصاص الصحة العامة وطب المجتمع.
ولفتت الدكتورة فرعون إلى أهداف التنمية المستدامة ال١٧ التي تبنتها الأمم المتحدة ومن ضمنها الهدف رقم ٣ الأساسي المتعلق بالصحة للجميع وتحقيق الرفاه.
سورية بدورها تبنت أهداف التنمية المستدامة، ووقعت على قائمة من الأهداف حين اجتماع وزراء الصحة العرب عام ٢٠١٨، وبالتالي من ضمن التزاماتنا تحقيق أهداف هذه التنمية والتي يضطلع بها بشكل أساسي اختصاص الصحة العامة.
وذكرت رئيسة المجلس العلمي الأهداف الأساسية التي تبنتها الأمم المتحدة والمتعلقة: بتحقيق التغطية الصحية الشاملة، ووضع حد لوفيات الأطفال دون الخمس سنوات، وكذلك الأوبئة، وأهمية خفض وفيات الأمهات حول الولادة، ومعالجة الاحتياجات غير الملباة بوسائل تنظيم الأسرة، وتعزيز الصحة النفسية.
كما وضعت الأمم المتحدة ٢٨ مؤشراً لترصد التقدم المحرز في تحقيق هذه الغايات.
واذا كان التركيز اليوم على أهمية اختصاص الصحة العامة وطب المجتمع بشكل أساسي، فلأن جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أدت إلى حدوث ضعف بالأنظمة الصحية حول العالم، وضعف أيضا بتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، واقتصار برامج التوعية على بعض الجوانب المتعلقة بفيروس كورونا، وإهمال بقية الجوانب الأخرى، ما استدعت الضرورة زيادة الطلب على خدمات اختصاص الصحة النفسية، مع ملاحظة ما جرى في مشافينا من تأجيل العمليات الباردة، وكذلك جرعات الأورام العاجلة، ما أدى إلى زيادة معدل انتشار المرض وأعبائه.
وأكدت الدكتورة فرعون من خلال ما أظهرته ظروف الجائحة مدى الحاجة الماسة لتطوير الاستراتيجيات الوطنية لمواجهة الطوارئ، وإدارة المخاطر وهذه من مهام طبيب الصحة العامة، فكان لابد من توفير كوادر مؤهلة بالرصد الوبائي، البحوث الوبائية لمعرفة الخصائص الوبائية للجائحة، وهناك على مايبدو جوائز متتالية كجدري القرود حالياً.
إذاً الاستجابة لهذا الوباء هو من اهتمام اختصاص طبيب الصحة العامة.
* برنامج معتمد..
وحول البرنامج الذي اعتمده المجلس العلمي لهيئة البورد السورية بشكل شبه نهائي بينت الدكتورة فرعون أن الهدف منه هو تعزيز الطب الوقائي، وإدارة البرامج الصحية والرعاية الصحية، إضافة إلى تنمية المهارات البحثية في المجال الصحي، وتأمين كوادر مؤهلة في التخطيط والإدارة الصحية وتطوير خدمات هذا المجال بأنواعها، حيث يتوقع من الطالب في نهاية البرنامج الذي يضم من ١٩- ٢٠ مهارة أن يكتسب مهارات أساسية والتي أهمها التعرف على مصادر المعلومات الصحية، والتاريخ الطبيعي للأمراض الوبائية وسيرها، إضافة إلى فهم طبيعة الأمراض وتشخيصها وعلاجها، ومعرفة الظروف السكانية والاجتماعية المؤثرة علىالأمراض ونسميها المحددات الاجتماعية والسلوكية والبيئية المرتبطة بأمراض الصحة العامة.
ومن فوائد البرنامج أيضا التعرف على التشريعات الصحية، والسياسات والاستراتيجيات التي تبنتها الوزارات في بلدنا، بحيث يستطيع طالب الاختصاص أن يحلل الواقع، وكيفية جمع المعلومات وهذا مايسمى بالرصد الوبائي، ويمكِّن البرنامج من استخدام التطبيقات الحاسوبية المتعلقة بهذا المجال، وأن يتعرف على أهمية العمل ضمن فريق مهارات التواصل، والأهم برأي الدكتورة فرعون هو القدرة على إجراء البحوث الوبائية، فهذه المهارات الأساسية التي يتوجب على طبيب الصحة العامة أن يعرفها.