ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
رغم الفارق في الخلفية السياسية والدوافع بين ما تمارسه إسرائيل من عربدة سياسية وعسكرية وما تقدم عليه حكومة أردوغان من عدوان وتوريط للمؤسسة العسكرية التركية،
فإن ما يربطهما أكثر بكثير مما يفرق، بدليل أن الأهداف وإن تباينت جزئياً فإنها تتقاطع في الطريقة والأسلوب، خصوصاً لجهة التوقيت والغاية والوظيفة الموكلة في دعم الإرهاب والإرهابيين.
وإذ يسجل ذلك الحضور التركي – الإسرائيلي على وقع الهزائم التي تمنى بها المجموعات الإرهابية، فإنه لا يستبعد من أوراقه وأجنداته تزامنه مع قمة العرب والأعراب، التي اختلطت الحسابات فيما بينها وتشابكت أذرع بعضها مع التركي والإسرائيلي لتوغل في الاستهداف.
فالعرب يلتقون اليوم بعد أن تفردت بقراراتهم الأعراب على مدى السنوات الثلاث الماضية، واستفردت بحالهم، رغم محاولات المخاصمة المحدودة التي فشلت في وقف الانهيار المتواصل في منظومة العمل التي تفرض شروطها على الوضع السياسي والدبلوماسي، بالتزامن مع انكشاف واسع للهوة التي تفصل بين الطرفين المتناقضين حتى في الأبجديات المعمول بها.
ما يلتقي عليه العرب يكاد لا يلامس العتبة الدنيا من جغرافية القضايا والتحديات المنتشرة على امتداد ساحات العرب ومدنهم وعواصمهم، وما يختلفون عليه يصعب إحصاؤه، في وقت يبدو من المستحيل الاتفاق على ما يمكن التعويل عليه في نقاط الالتقاء، حيث تذري الرياح ما تبقى من هوامش تصلح للمحاججة في مبررات الاستمرار.
التمسك بالهياكل التقليدية لوجود الجامعة ومؤسسات العمل الرسمي العربي يتحرك تحت ضغط الأسئلة الوجودية العاجزة عن التفريق بين التحديات المصيرية وبين المبررات الوظيفية من الناحية السياسية التي تعصف بها رياح التغيير التكتيكي والاستراتيجي، وسط موجة عاتية من التبدلات الوظيفية على المستوى الإقليمي والدولي.
سيكتفي العرب اليوم بما يسمح لهم بعقد الاجتماع، وأن تواصل الأعراب لعبة الانتقاء والتوجس داخل الهيكل الجديد، رغم الاختلاف القائم الذي يهدد بالانفجار الكبير المنتظر الذي لن يكتفي بإعادة النظر بوجودهم ودورهم، بقدر ما سيقدم محاكاة جديدة لإعادة تموضع البيادق المتدحرجة على رقعة الشطرنج.
في العناوين المدرجة لا يبدو أن العودة إلى التلطي خلف القضية الفلسطينية كافياً لينقذ ما يمكن إنقاذه، ولا يصلح ليكون قارب النجاة المنتظر الذي يحول دون الغوص بعيداً في تعميق جذر الخلافات المتفجرة، رغم محاولات إعادة الجدولة الفاشلة، خصوصاً أن الأعراب تشحذ السكين للتصفية النهائية وفق المشيئة الأميركية والتي باتت بحكم المستحيل لاعتبارات تتعلق أساساً بفقدان النظام الرسمي العربي أهلية التنفيذ من جهة، ولاستحالة ترميم الانكسارات في المشروع الأميركي من جهة ثانية.
قد لا يكون هناك فارق كبير بين الأمس واليوم إلا فيما يتعلق بعلنية ذلك التشابك في الأذرع الأعرابية مع التركي والإسرائيلي، لذلك لم يكتفِ أردوغان بالحنجلة التي بدأ بها حفلة العربدة بحثاً عن ملاذ يعيد إليه الإمساك بعصا الدور الإقليمي التي أخطأ في التقاطها أكثر من مرة، ولم تقتصر خطواته على الغرق في مستنقع الارتهان لعكاز الإرهاب وهو يتكئ على ما تبقى من فتات إخوانيته ورصيدها المتهالك على ساحة الحسابات الإقليمية والدولية.
وعلى الضفة الأخرى تلاقيه الأعراب وقد صعب عليها الخلاص من ربقة المحاصصة على رعاية الإرهاب وليس مكافحته، بالتكامل مع الإسرائيلي المدفوع بالتحريض الأميركي لاستدراك ما يمكن قبل فوات الأوان.
لا نعتقد أنه بات هناك ما يمكن أن يقال في المفاجآت التي تشغل بال المجتمعين في الكويت، وقد حضرت لائحة مسبقة جهدت في تدوير الزوايا المنفلتة من الحسابات الجزئية لتصل إلى حد المواجهة من وراء الكواليس ومن أمامها، وهي تعوّل على استحضار الإرهاب لساناً ولغة ووجوداً، حتى لو كان من دون مقعد.
قد يحق للكثيرين النظر إلى المسألة بعناوينها الفضفاضة، لكن لم يعد من المسموح البناء على قرينة الاجتماع للدلالة بأن الأعراب تخفت عن جلدتها أو بدلت فيها، وهي التي أفسحت أن يكون الإرهاب وجهاً جديداً يطل في قاعات قمتهم، ومعتمداً بالوكالة والأصالة عن عربدة التركي وعدوان الإسرائيلي.
a.ka667@yahoo.com