تطرح الأحداث الجارية على الساحة الإقليمية والدولية – حتى قبل تفجّر النزاع في أوكرانيا، وعليها – من جديد الأسئلة الأهم على الدول العربية منفردة، وككتلة واحدة، لم تكن يوماً موحدة.
أحد أهم تلك الأسئلة الثقيلة في الطرح على عدد من الدول العربية، يتلخص بالاستفهام عن أسباب وقوفها في الجهة الخطأ، لماذا تقف على الضفة الخاطئة؟
هل تدرك أنها تقف في المكان الخطأ؟ هل تملك من أمرها شيئاً لتصحح، وهل تقف حيث تقف، لأنها اختارت أم لأنها تؤمر فتطيع، مسلوبة الإرادة، مرتهنة، وبالتالي فهي أقل من أن تجيب إلا عن أسئلة تتعلق ربما بساعة الذهاب إلى النوم والقيلولة!
الواقع العربي في هذه الأثناء هو الأكثر تردياً وسوءاً، ليس فقط لأن أغلبية الدول العربية تقف في الجهة الخاطئة، بل لأن هذا الوقوف الخاطئ سواء كان خياراً ذاتياً أم مفروضاً، هو بذاته يمنع هذه الأغلبية من أن تسأل ذاتها عن كل ما هو أقل أو أهم، ويجعلها أعجز من أن تقدم أي إجابات عن المطروح من الأسئلة التي تتعلق بالهدف، بتحديده، بالجوهر، بالعمق، بإرادة الفعل والاختيار، بعوامل القوة والضعف، بتحليلها، وبمحاولة التغيير .. إلى آخره من أسئلة، تعفي هذه الأغلبية نفسها من عناء الطرح والإجابة عليها.
المفارقة الغريبة والمؤلمة، لا تنحصر فقط في أن يكون الواقع العربي بهذه المستويات من التردي، ولا بأن تكون أغلبية الدول العربية على الضفة الأخرى، حيث الوقوف خاطئ والموقف كارثي، بل تمتد بالألم الذي تسببه رؤية هذه الأغلبية، تبدو مستقيلة من القيام بكل دور إلا السلبي منه، ذلك فيما كل العالم، تكتلاته ومحاوره، تبحث عن مكانة تعزز حضورها ودورها وتحسن من إمكانيات وصولها إلى أهدافها، مشروعة كانت أم لا مشروعية لها!
في هذه الحالة، لا خلاص من هذا الواقع العربي المتردي إلا بخوض معركة الوعي، على المستوى الوطني الشعبي الذي من شأنه أن يحدث الفرق والأثر والتغيير، فيجبر الأنظمة المستقيلة والعميلة على أحد خيارين: التصحيح أو ملاقاة مصير آخر لا تنتظره أو تستبعده.
ليس مستحيلاً إحداث الأثر الإيجابي في التغيير، وبتصحيح الوقوف الخاطئ لتلك الأغلبية، لطالما تمكنت، وتتمكن، حركة مناهضة التطبيع مع العدو من تعطيله، ولطالما كانت المقاومة ضد الاحتلال، بقواها، وبدول محورها، هي التي تفرض على منظومة الأعداء والأدوات إجراء تغيير في الاستراتيجيات والخطط والعقائد القتالية سواء لجيوشها وقواتها الرسمية أم لجيوشها البديلة التي تتشكل من المرتزقة والعملاء.