الثورة – تحقيق هناء غانم:
يبدو أن هناك إجماعاً من المعنيين وأصحاب القرار بأن أزمة ارتفاع أجور النقل لا تزال معلقة دون حلول خاصة وأن هذا الارتفاع جاء مصحوباً بارتفاع أسعار النفط والطاقة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أجور شحن البضائع بنسب كبيرة فيما باتت أغلب المستوردات والسلع مفقودة من الأسواق إذ أصبح ارتفاع الأسعار السمة السائدة في وقت تشكو فيه الأغلبية نقصاً في الأموال وشحاً في مصادر الدخل.
ولمعرفة خبايا الأمور “ الثورة “ تواصلت مع عدد من أصحاب الشأن على مبدأ / لنسأل من كان بها خبيراً، حيث تبين أن ارتفاع أجور الشحن عالمياً أثر على جميع القطاعات سواء المواد الأساسية أو الثانوية، والجميع اتفق على أن أغلب التجار قلت نسبة استيرادهم للحاويات بسبب الارتفاع الكبير على أجور الشحن وعدم استطاعة أي تاجر شحن عدد من الحاويات كما كان في السابق نظراً لارتفاع الأجور أكثر من 6 أضعاف ناهيك عن الضرائب والرسوم الجمركية على السلع والمنتجات التي تأثرت في الارتفاعات الأخيرة، وبالمحصلة الاقتصاديون وأصحاب الشأن أكدوا أن الحلول بيد الحكومة وأنها هي القادرة على مواجهة هذه الارتفاعات والحد من انعكاساتها على الأسعار في السوق المحلية وجزء من الحلول الآنية يتمثل – على حد رأيهم – في إلغاء الضرائب والرسوم المفروضة على بعض القطاعات والمستوردات.
تخفيض الرسوم على وسائل النقل !!
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم أكد ” للثورة” أن أجور الشحن الخارجية ارتفعت من المصدر بحدود ٤ أضعاف بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وقبلها كورونا وتعقيداته، إضافة لعدم الأمان العالمي الذي نمر به الأمر الذي ينعكس على أسعار المنتجات إضافة إلى صعوبة النقل والسفر الذي ارتفعت تكاليفه أيضاً.
وعن الشحن الداخلي قال أكريم إن ارتفاع أسعار الطاقة العالمية والمحلية انعكس على أجور النقل الداخلي من الموانئ إلى المخازن إضافة إلى مصاريف التوزيع وغيرها، مقترحاً تخفيض الرسوم على وسائل النقل وتبسيط الإجراءات لأن كل ذلك ينعكس على أسعار المواد حتى تسير الأمور بشكل أسهل وتساهم في تخفيض الأسعار.
وأوضح أن هذه الإجراءات قد تكون على مستوى العقود أو الاتفاقيات مع الدول الخارجية في مجال النقل والشراء مع الدول الصديقة عن طريق هيئات حكومية وذلك يساهم في تخفيض الأسعار والتكاليف.
حركة الشحن انخفضت من 30 سيارة إلى 10 شهرياً..
بدوره الباحث الاقتصادي د.عابد فضلية قال إن ارتفاع أسعار الطاقة هو حقيقة واقعة في كل دول العالم، والأمر الذي أثر سلباً على ارتفاع أجور نقل البضائع عالمياً بين 60-80% مضيفاً أنه بعد أن كانت حركة الشحن تصل إلى ٣٠ شاحنة شهرياً اليوم لا يوجد أكثر من ١٠ شاحنات، الأمر الذي ساهم بزيادة الأسعار لأن كمية الوقود الموجود لديهم لا تكفي ما يؤكد أن حوامل الطاقة هي روح الاقتصاد وأن دعم المشتقات النفطية يستطيع إلى حد معين تسديد الفرق بين القيمة الحقيقية لها وبين القيمة المدعومة لكن عندما ترتفع الأسعار بالشكل الحالي ويتوقع أن تستمر بالارتفاع لا يمكن أن تستمر الحكومة لفترة طويلة بتقديم الدعم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والموازنة العامة للدولة لا تستطيع تحمل هذا الفرق وهو حقيقة واقعة في سورية وغيرها من الدول.
فضلية أضاف أنه وعلى ما يبدو حكومتنا تحمل العصا من النصف فجزء من التكاليف يدفعها المواطن وجزء تدفعه الحكومة من خلال الدعم الجزئي لحوامل الطاقة “ وفق ما يقوله المعنيون بأن هناك دعم لحوامل الطاقة” إذاً الحكومة توزع العبء بينها وبين المواطن وهنا لا يمكن القيام بأي عمل لأن أسعار النفط ارتفاعها عالمي إذاً من المنطقي رفع أسعار الشحن لكن لم نقل أنه منطقي رفع أسعار الطاقة والدعم بالتأكيد مرتبط بقدرة الدولة على تقديم الدعم خاصة وأن وهناك فجوة بين الأسعار الرسمية والعالمية وبالمحصلة كل ذلك يساهم في زيادة التكاليف المعيشية للمواطن..
وعن الإجراءات الواجب على الجهات المعنية القيام بها أضاف فضلية أنه لا يمكن للحكومة اتخاذ أي إجراء طالما أسعار الوقود مرتفعة وهي أي “الحكومة ” من يقرر ذلك.
فضلية أكد أنه يجب أن نفكر خارج الصندوق والعمل على زيادة فرص العمل والمشاريع الاستثمارية وزيادة التعويضات المقترنة بزيادة الإنتاج والأهم زيادة الدخل لأننا لا نستطيع أن نؤثر بالجهة الأخرى والتي هي ارتفاع تكاليف المعيشة لاسيما ارتفاع تكاليف الشحن والنقل.
والحل البديل الذي يجب على الجهات المعنية العمل عليه هو تأمين السلع وقد يكون أهم من تخفيض سعرها حتى لا تتوقف حركة الإنتاج والنشاط الاقتصادي مشيراً إلى أن السلع الجاهزة بالمكان المنقولة إليه أعلى من سعرها في مكان إنتاجها.
قلة الوقود.. زاد الطين بلة !!
وفي سياق متصل أكد مدير جمعية حماية المستهلك عبد العزيز معقالي أن ارتفاع أجور الشحن بالتأكيد سببه غلاء أسعار المازوت والبنزين وندرتها في الأسواق الأمر الذي “زاد الطين بلة” وانعكس على كافة القطاعات الصناعية والتجارية والمستهلك والفلاح ومربي الدواجن في آن معاً وغيرهم من الفعاليات التجارية، والأدهى أن القوة الشرائية للمستهلك ضعيفة ولا يمكن أن تتماشي مع الغلاء، وعن الحلول قال المعقالي لدينا مجلس إدارة يتابع الأسواق علما أننا لا يمكن أن نتخذ أي إجراء للحد من الغلاء وصلاحيتنا تنحصر بإعلام دوريات التموين للحد من ارتفاع الأسعار عموماً والمازوت خصوصاً والتأكيد بأن يكون هناك متابعة مستمرة على الباصات وسيارات الشحن للحد من ارتفاع الأجور..
مدير النقل: حسم الجدل !!
بدوره أكد مدير النقل الطرقي في وزارة النقل محمود أسعد أن القرار الخاص بتحديد أجور الشحن للسيارات الشاحنة جيد لأنه حدد المسافة والسعر وتفادى الجدل والخلاف على القيمة والسعر بين أصحاب السيارات والجهات المعنية، مشيراً إلى أن الوزارة ليست معنية بأسعار السيارات الشاحنة باعتبار أن وزارة التجارة الداخلية هي من يحدد الأسعار ويتابعها ونحن كوزارة معنيون بالسيارات الشاحنة التابعة للقطاع العام وتحديد أسعارها يكون بناء على المسافة المحددة وفق القرار الصادر عن وزارة التجارة الداخلية، مبيناً أن دورنا هو تأمين السيارات للجهة أو الوزارة المعنية لا سيما وأننا جهة منسقة وليس لدينا سيارات خاصة بنا بل يتم التعاقد مع أشخاص أو شركات نقل (ملكية خاصة) مع تحديد السعر، أما أجور الشحن فهي تدفع من الجهة صاحبة البضاعة ووفق السعر المحدد.
أجور الشحن ازدادت ٦ أضعاف
وفي متابعة للحديث عن ارتفاع أجور الشحن أكد الدكتور والباحث الاقتصادي شفيق عربش أن الحديث عن ارتفاع أجور الشحن والنقل يأتي ضمن محورين الخارجي والداخلي والحديث عن الشحن خارجياً نجد أنه ومع بدء أزمة كورونا والأزمة الأوكرانية ازدادت أجور الحاويات ونقلها من مرفأ البلد المنتج إلى مرافئ سورية بالحد الأدنى ٦ أضعاف أي أن الحاوية التي كانت تكلف ٢٠٠٠ دولار وأصبحت اليوم ١٢ ألف دولار مبيناً أن الأزمة الأوكرانية كانت سبباً أيضاً في ارتفاع بدلات التأمين على نقل البضائع في البحر، الأمر الذي له انعكاس بشكل كبير على الأسعار لأن المستوردين السوريين “ صغار “ علماً أنهم حيتان بالسوق الداخلي لكن على مستوى المستوردين العالميين ليس لهم وجود وبالتالي الكمية التي يتم استيرادها قليلة ومع ذلك بدلات النقل تساهم في ارتفاع التكلفة بشكل أكبر مما هو عليه في بلدان أخرى تستورد بكميات أكبر وهنا يوجد حل لكنه يحتاج إلى إجراءات من نوع آخر تتعلق بفتح المعابر مع دول الجوار ولاسيما ميناء العقبة ما يوفر جزءاً كبيراً من التكاليف والأجور التي انخفضت بحدود 60%، خاصة وان سورية وبسبب الحصار الاقتصادي هناك مستوردون يعزفون عن التعامل نظراً للتعقيدات وارتفاع التكاليف.
أما بالنسبة للشق الداخلي الممثل بارتفاع تكاليف النقل من أماكن الإنتاج إلى أماكن البيع أصبحت مرتفعة ومرهقة للمواطن بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية لافتاً إلى أننا كاقتصاديين لا نفهم أن مادة تستورد من قبل جهة عامة هي من تستوردها وتحدد سعرها لكن المادة لا تتوفر بشكل نظامي في حين أنها متاحة في السوق السوداء لكن سعرها يصل إلى 4 أضعاف سعرها الرسمي، وبالتالي أي رفع لسعر مادة دون توفيرها للمواطنين سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها بالسوق السوداء، لذلك – حسب عربش – نجد أن تكاليف النقل أصبحت خيالية والنقل من طرطوس إلى دمشق يصل إلى نحو ١.٥ مليون ليرة سورية وبالتالي الأسعار كلها إلى ارتفاع والشيء الوحيد الذي لا يرتفع هو الرواتب والأجور بحجة ارتفاع التكاليف عليها والسؤال ألا يوجد على الموظف تكاليف وأعباء نتيجة ارتفاع الأسعار؟
عربش أكد أن ارتفاع أسعار السلع وبقاء دخول العاملين بأجر متدنية، هذا خلق نوعاً من الركود التضخمي في البلد ولا يحرك العجلة الاقتصادية لذلك توقفت عجلة الإنتاج، مبيناً أن الذرائع التي تتحجج بها الجهات المعنية (ارتفاع التكاليف) لتقوم برفع الأسعار علماً أن الرواتب هي جزء من التكاليف. لذلك انعدمت القوة الشرائية.
وبالمحصلة أي تاجر مهما كان يُحَمِّل تكاليفه كلها ويضيفها إلى سعر البضاعة التي هي بالمحصلة من نصيب المستهلك وكل رفع إضافي ينعكس على القدرة الشرائية للمواطن الذي هو الحلقة الأضعف.