الثورة – فؤاد العجيلي :
مسحات من الآلام ترتسم على وجوه مسنين وأطفال ، فقدوا رعاية الأبناء والآباء ، وذلك بسبب الحرب الظالمة التي عاشها السوريون خلال السنوات الماضية ، آباء وأمهات مسنون ينتظرون أبناءهم مع كل إشراقة صباح ، وأطفال ينتظرون والديهم قبيل ساعات الغروب ، لم يعد الطعام والشراب همهم ، إنما الكلمة الطيبة والقلب الحنون والصدر الواسع هو كل ماتأمله هاتان الفئتان “المسنون والأطفال ، ومن هنا برز دور المجتمع الأهلي من خلال جمعيات ومؤسسات تعنى بتقديم الرعاية الأسرية للمسنين والأطفال .
• دور المجتمع الأهلي
وقد تصدت العديد من الهيئات والمؤسسات والجمعيات لهذه المهمة ، حيث أوضحت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القلب الأبيض هوري أوسيب كوشكريان في حديثها الخاص لصحيفة الثورة، أنها وخلال سنوات الحرب وجدت أن ” المسنين والأطفال ” بحاجة إلى من يمد إليهم يد المساعدة والعون ، ولكن قبل مد اليد كان لابد من وجود قلب ينبض حباً ورحمة ، فتولدت لديها فكرة تأسيس مؤسسة اجتماعية تحمل اسم ” القلب الأبيض ” تهدف إلى تقديم الرعاية لهاتين الفئتين ، سواء الرعاية المجتمعية أم الرعاية الصحية وحتى الرعاية التعليمية والترفيهية.
وفيما يتعلق بالأحياء الشعبية أشارت رئيسة مجلس أمناء القلب الأبيض إلى أن المؤسسة وبكوادرها الإدارية وفرقها التطوعية استهدفت بشكل كبير تلك الأحياء كونها الأشد فقراً والأكثر حاجة ، وذلك بالتعاون والتنسيق مع مخاتير ولجان الأحياء ، وتعاظم دورها أكثر بعد التحرير حيث عودة الأسر النازحة إلى بيوتها ، فقمنا برصد احتياجات تلك الأسر ونعمل على تأمين حاجاتها الضرورية وفق الإمكانيات المتاحة.
• ألم الهجرة كبير
” أم جورج 85 عاماً ” أشارت إلى أن المجتمع الأهلي كان له دور كبير في تخفيف ألمها نتيجة سفر الأولاد ، وبقائها وحيدة مع زوجها ” أبو جورج 90 عاماً ” فكان للجمعيات الأهلية الدور الكبير في رعايتهما صحياً ، علماً أن أولادها يرسلون لها حوالات مالية شهرياً ، ولكن ألم الفراق والهجرة كبير .
” أم عبد الله 75 عاماً ” أوضحت أنها استطاعت أن تتغلب على ألم فراق أولادها وهجرتهم من خلال الجلسات الأسبوعية التي كانت تقيمها الجمعيات الخيرية في بعض المطاعم والمنتجعات .
” أبو سليم 80 عاماً ” قال : إنه بحاجة إلى دواء بقيمة 200 ألف شهرياً ، ووضعه المادي لايسمح ، وكان للجمعيات الخيرية وبنك الدواء الخيري الدور الهام في تأمين هذا الدواء .
• أمل الأطفال
أطفال بعمر الورود يتمنون أن يقولوا كلمة ” بابا – ماما ” ولكن أين البابا والماما ، فالأب توفي والأم تزوجت وتركتهم يصارعون الحياة ، فكانت دار الأيتام ودور الرعاية هي الحاضن لهم ، حيث أشار “ملهم 9 أعوام ” إلى أن الدار توفر له ولزملائه كامل الخدمات ، ويتابع حالياً دراسته ، ويحلم أن يصبح مرشداً نفسياً في المستقبل .
• بلسمة الآلام
المرشد النفسي ” إسماعيل المحمد ” أكد أن المسنين والأطفال بحاجة أكثر من غيرهم إلى كلمة طيبة تبلسم آلامهم وتزرع لديهم الأمل في أيام قادمة ربما يلتقون فيها بأبنائهم ، أو بمن يقدم لهم حنان الأم والأب بالرغم من فقدهما جسداً ، مشيراً إلى أن هيئات المجتمع المحلي لها دور كبير في هذا المجال ، ويتعاظم دورها حالياً خاصة بعد أن طفت على السطح مفرزات الحرب .
• التكافل الإجتماعي
ورغم الألم الذي يعيشه أفراد المجتمع يبقى الأمل بتضافر الجهود وتعزيز التواصل الأسري ، وعودة المهجرين إلى أرض الوطن للعيش مع ذويهم وأبنائهم ، فمهما قدمت الجمعيات والمؤسسات من رعاية ، تبقى الأسرة هي الأساس ، وإعادة ترتيب البيت الداخلي هو العلاج الوحيد لبناء مجتمع متماسك تربط بين أفراده أواصر التكافل الاجتماعي.