لم يكن حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن زوال زمن الاحادية والقطبية مجرد توصيف للواقع أو استغراق في التوقعات، بل كان حقيقة تؤكدها كل المعطيات والوقائع على الأرض.
فالولايات المتحدة تعيش اليوم حالة من الجنون والهستيريا، لاسيما وأنها باتت على يقين بأن مشروعها الاستعماري وأجندتها الاحتلالية أصبحا في مهب الريح، ليس هذا فحسب، بل إن هناك حقيقة تشكلت داخل تلك ” الامبراطورية العظمى” والتي كانت حتى وقت قريب تمتلك مفاتيح العالم وزمام أموره، تقول إن أركانها وحواملها كقوة مهيمنة أصبحت أيضا في مهب الريح، وهذا باعتراف العديد من الساسة والمسؤولين الأميركيين.
بحسب المعطيات وتطورات الأحداث تبدو عناوين المرحلة المقبلة واضحة جداً، لجهة التصعيد المتدحرج الذي تنتهجه الإدارة الأميركية كامتداد وجزء من استراتيجية نشر الفوضى والعبث بالقواعد والمعادلات المرتسمة بما يمكنها من إعادة تموضعها الدولي والسياسي واستعادة قطبيتها وهيمنتها، وهذا يعني أن الأمور في طريقها إلى الاشتباك مع القوى الاقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة والعالم، الاشتباك الذي قد يصبح أكثر ضراوة وشراسة خلال الايام القادمة.
ما يتوجب على الأميركي فهمه أن زمن الأحادية القطبية في العالم قد انتهى وولى إلى غير رجعة، وكل المحاولات الأميركية في هذا السياق هي منفصلة عن الواقع وبعيدة كل البعد عن تداعيات التحولات الجارفة التي عصفت بالمشهدين الاقليمي والدولي، والأخطر أنها قد تقود واشنطن وحلفائها وأدواتها إلى عواقب كارثية وتكاليف باهظة لا يقدرون على دفع ثمنها.