أحمد حمادة :
في لقائه الأخير مع قناة “روسيا اليوم” طرح السيد الرئيس بشار الأسد كعادته رؤى فكرية عميقة، وتناول الشأن السياسي من منظور ثقافي، ومن زاوية رؤية استراتيجية، فحدد بوصلة الانتماء الوطني بشكل لا لبس فيه، ووضع نقاط من ارتضى أن يكون أداة في يد المحتلين على حروف “العمالة” سيئة الصيت لدى كل شعوب الأرض.
فكما كانت العمالة لدى البعض الداء الذي ينخر في ثنايا الوطن أعطى سيادته بالمقابل ترياق العلاج ودواءه، وهو الانتماء الوطني، الذي يقوي الوطن ويضعف العدو المحتل، فطالما أن هناك عمالة فسيبقى المحتل قوياً، وارتباطاً بهذه المعادلة فإن أول شيء علينا فعله أن يكون هناك تنظيف وإضعاف لهؤلاء العملاء، وبعدها سيخرج المحتل بشكل آلي.
ثقافة الانتماء والتمسك بالمسلمات والثوابت الوطنية، هي الرسالة البليغة التي تضمنها اللقاء مع القناة الروسية، لأن الحقيقة التي يؤمن بها سيادته ترتكز على بديهية يدركها كل عاقل، وهي أن السوريين برهنوا بوعيهم وانتمائهم الوطني خلال الحرب العدوانية عليهم، وما رافقها من تدمير ممنهج وحصار ظالم جائر، وإرهاب لم تعرف الشعوب مثيلاً لتطرفه، برهنوا على أنهم لا يتعبون في سبيل حريتهم مهما طال الطريق وصعب، ولا تهون عزيمتهم أو تفتر همتهم في الدفاع عن حقوقهم مهما طغى المحتلون وتجبروا وأرهبوا.
بمعنى مختزل أراد سيادته القول بأن انتماء السوريين الوطني صنع المستحيل، بعكس ما أرادت قوى العدوان عبر محاولة تخريب الفكر الأصيل لديهم، لكنها فشلت وأخفقت، رغم أنها فصّلت أجنداتها التخريبية بكل إتقان، وأنشأت لها مراكز البحوث الاستراتيجية والمعاهد الأكاديمية والجامعات، والمحطات الفضائية، بل والإمبراطوريات الإعلامية الكبرى، وجندت لها ملايين العناصر والأدوات، ورصدت لها آلاف المليارات من الدولارات حتى تنجح في مخططها الاستعماري.
مضامين عديدة وغنية لم يكتف الرئيس الأسد بسردها بل بنى في ثناياها ركائز العمل والمنهج الذي علينا إتباعه للوصول إلى بر الأمان، ركائز الوعي والانتماء الوطني لمواجهة الأعداء ورياحهم العاتية، الانتماء الصادق الذي يجعل الشعوب الحية تعرف طريقها إلى الحرية، ولا تتعب في سبيل نيل حقوقها مهما طال الطريق وصعب.
في الملف السياسي التالي تبحث صحيفة “الثورة” بمحاور عدة لثقافة الانتماء الوطني في فكر الرئيس الأسد، والتي تؤكد بوصلتها أنه بانتمائنا الوطني نرسم دروب مستقبلنا، ونعيد بناء وطننا، ونزيل الغشاوة عن العيون، والغمة عن العقول، وننتج القدرة الفائقة على النظر إلى الأمام، برؤية عميقة، ونظرة صائبة وثاقبة، وبهما، وبإرادتنا، نطوي كل آثار الدمار.